الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الأربعمائة دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل على أَن تَصْغِير دويهية للتعظيم فَإِنَّهُ أَرَادَ بهَا الْمَوْت وَلَا داهية أعظم مِنْهَا
والتصغير غير مُنَاسِب لذكر الْمَوْت. وَالدَّلِيل على أَنه أَرَادَ بهَا الْمَوْت كَقَوْلِه: تصفر مِنْهَا الأنامل. وَالْمرَاد من الأنامل الْأَظْفَار فَإِن صفرتها لَا تكون إِلَّا بِالْمَوْتِ. وَقَالَ الطوسي فِي شرح ديوَان لبيد: إِذا مَاتَ الرجل أَو قتل اصْفَرَّتْ أنامله واسودت أظافره. وَلم يرتضه الشَّارِح الْمُحَقق فِي شرح الشافية فَإِنَّهُ قَالَ: قيل مَجِيء التصغير للتعظيم فَيكون من بَاب الْكِنَايَة يكنى بالصغر عَن بُلُوغ الْغَايَة فِي الْعظم لِأَن الشَّيْء إِذا جَاوز حَده جانس ضِدّه. وقريبٌ مِنْهُ قَول الشَّاعِر:
(وكل أناسٍ سَوف تدخل بَينهم ... دويهيةٌ تصفر مِنْهَا الأنامل)
ورد بِأَن تصغيرها على حسب احتقار النَّاس لَهَا وتهاونهم بهَا إِذْ المُرَاد بهَا الْمَوْت أَي: يجيئهم مَا يحتقرونه مَعَ أَنه عَظِيم فِي نَفسه تصفر مِنْهُ الأنامل. وَاسْتدلَّ أَيْضا بقوله:
(فويق جبيلٍ سامق الرَّأْس لم تكن ... لتبلغه حَتَّى تكل متعملا)