(فَمَا أَدْرِي إِذا يممت وَجها ... أُرِيد الْخَيْر أَيهمَا يليني)

لِأَن المُرَاد أُرِيد الْخَيْر وأتجنب الشَّرّ فَاكْتفى بِذكر أَحدهمَا لِأَن مَا بعده يبينهما وَهُوَ:

(الْخَيْر الَّذِي أَنا أبتغيه ... أم الشَّرّ الَّذِي هُوَ يبتغيني)

أَرَادَ: إِنِّي لما أظهرت إنكاري وتشددت فِي إبائي قَالُوا: إِنَّه جن أَو سكر. فزجرتهم وَحلفت بِاللَّه نافياً مَا نسبت إِلَيْهِ. والإنتشاء والنشوة: السكر. ثمَّ أَخذ يبين كَيفَ استنكر مَا دفع إِلَيْهِ حَتَّى قيل فِيهِ مَا قيل كَقَوْلِه: وَلَكِنِّي ظلمت فكدت إِلَخ وَذكر الْبكاء ليري أنفته وامتعاضه وإنكاره لما أُرِيد ظلمه فِيهِ واغتياظه.

فَأَما الْعَرَب فَإِنَّمَا تنْسب نَفسهَا إِلَى القساوة وَتعير من يبكي. قَالَ مهلهل:

(يبكي علينا وَلَا نبكي على أحدٍ ... لنَحْنُ أغْلظ أكباداً من الْإِبِل)

يَقُول: لَكِن عرض علينا ضيمٌ لم آلفه واستنزلت عَن حقٍّ لي طَال ملازمتي لَهُ فشارفت الْبكاء أَو بَكَيْت كل ذَلِك لاستنكافي مِمَّا أرادوني عَلَيْهِ. وَقَوله: فَإِن المَاء مَاء إِلَخ صرح بِمَا أُرِيد غصبه عَلَيْهِ فَقَالَ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015