وَهَذَا الْوَجْه جَار على مَذْهَب الْكُوفِيّين إِذْ يجيزون حذف الْموصل دون صلته فِي غير ضَرُورَة وَهَذَا يأباه البصريون.
قَالَ أَبُو عَليّ فِي إِيضَاح الشّعْر: لَا يجوز أَن تحذف الْمَوْصُول وَتَدَع الصِّلَة لِأَنَّهَا تذكر للتخصيص والإيضاح للموصول. وَنَظِيره: أَجْمَعُونَ فِي التوكيد لَا يجوز أَن تذكره وتحذف الْمُؤَكّد.
فَإِن قلت: لم لَا يكون كالصفة والموصوف فِي جَوَاز حذف الْمَوْصُوف وَذكر الصّفة قيل: لم تكن الصِّلَة كالوصف إِذا كَانَ مُفردا أَلا ترى أَن الْوَصْف إِذا كَانَ مُفردا كَانَ كالموصوف فِي الْإِفْرَاد وَإِذا كَانَ مثله جَازَ وُقُوعه مواقع الْمَوْصُوف من حَيْثُ كَانَ مُفردا مثله مَعَ استقباح لذَلِك.
فَأَما الصِّلَة فَلَا تقع مواقع الْمُفْرد من حَيْثُ كَانَت جملا كَمَا لم يجز أَن تبدل الْجُمْلَة من الْمُفْرد من حَيْثُ كَانَ الْبَدَل فِي تَقْدِير تَكْرِير الْعَامِل وَالْعَامِل فِي الْمُفْرد لَا يعْمل فِي لفظ الْجُمْلَة.
فَأَما من تَأَول قَوْله: لعمري لأَنْت الْبَيْت أكْرم أَهله على تَقْدِير: لأَنْت الْبَيْت الَّذِي أكْرم أَهله وَحذف الْمَوْصُول فَلَيْسَ فِي الْبَيْت دلَالَة على هَذَا الَّذِي تَأَوَّلَه وَذَلِكَ أَنه يجوز أَن يكون أكْرم أَهله جملَة مستأنفة معطوفة على الأولى وَلم يحْتَج إِلَى حرف الْعَطف لما فِي الثَّانِيَة من ذكر مَا فِي الأولى كَقَوْلِه تَعَالَى: أُولَئِكَ أصحابُ النَّار هُم فِيهَا خالدُون.
وَيجوز أَن يكون قَوْله: لأَنْت الْبَيْت على جِهَة التَّعْظِيم فَأجرى عَلَيْهِ اسْم الْجِنْس لهَذَا كَمَا تَقول: أَنْت الرجل تُرِيدُ بِهِ الْكَمَال وَالْجَلد فَكَذَلِك يكون المُرَاد بِالْبَيْتِ.
أَلا ترى أَنهم قد يَقُولُونَ: لَهُ بَيت وَشرف: وَإِذا كَانَ كَذَلِك جَازَ أَن يكون أكْرم أَهله فِي مَوضِع)
حَال مِمَّا فِي الْبَيْت من معنى الْفِعْل كَمَا أَن علما فِي قَوْلك: أَنْت الرجل علما وفهماً