موسم من مواسم الْعَرَب فَبَيْنَمَا هُوَ يمشي بسوق عكاظ إِذْ لَقِي أَسمَاء المرية وَكَانَت جميلَة وَزعم أَنَّهَا كَانَت بغياً فَدَعَاهَا إِلَى نَفسه فامتنعت عَلَيْهِ وَقَالَت: أما علمت أَنِّي عِنْد سيد الْعَرَب هَاشم بن حَرْمَلَة فأغضبته فَقَالَ: أما وَالله لأقارعنه عَنْك.

قَالَت: شَأْنك وشأنه. فَرَجَعت إِلَى هَاشم فَأَخْبَرته بِمَا جرى فَقَالَ هَاشم: لَا نريم أَبْيَاتنَا حَتَّى نَنْظُر مَا يكون من جهده.

قَالَ: فَلَمَّا خرج الشَّهْر الْحَرَام وتراجع النَّاس من عكاظ خرج مُعَاوِيَة غازياً يُرِيد بني مرّة وَبني فَزَارَة فِي فرسَان أَصْحَابه من سليم حَتَّى إِذا كَانَ بمَكَان يدعى الْحَوْزَة أَو الجوزة وَالشَّكّ من أبي عُبَيْدَة سنح لَهُ ظَبْي فتطير مِنْهُ وَرجع فِي أَصْحَابه فَبلغ ذَلِك هَاشم بن حَرْمَلَة فَقَالَ: مَا مَنعه من الْإِقْدَام إِلَّا الْجُبْن.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي السّنة الْمُقبلَة غزاهم حَتَّى إِذا كَانَ فِي ذَلِك الْمَكَان سنح لَهُ ظَبْي وغراب فتطير فَرجع وَمضى أَصْحَابه وتخلف فِي تِسْعَة عشر فَارِسًا مِنْهُم لَا يُرِيدُونَ قتالاً إِنَّمَا تخلف من عظم الْجَيْش رَاجعا إِلَى بِلَاده فَوَرَدُوا مَاء وَإِذا عَلَيْهِ بَيت شعر فصاحوا بأَهْله فَخرجت إِلَيْهِم امْرَأَة فَقَالُوا: مِمَّن أَنْت قَالَت: امْرَأَة من جُهَيْنَة أحلاف لبني سهم بن مرّة بن غطفان.

فَوَرَدُوا المَاء فانسلت فَأَتَت هَاشم بن حَرْمَلَة فَأَخْبَرته أَنهم غير بعيد وعرفته بِعدَّتِهِمْ وَقَالَت: لَا أرى إِلَّا مُعَاوِيَة فِي الْقَوْم فَقَالَ: يَا لكاع أمعاوية فِي تِسْعَة عشر رجلا شبهت وأبطلت قَالَت: بل قلت الْحق وَإِن شِئْت لأصفهم لَك رجلا رجلا. قَالَ: هَاتِي.

قَالَت: رَأَيْت فيهم شَابًّا عَظِيم الجمة جَبهته قد خرجت من تَحت مغفره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015