فَقَوله: بِكُل تداوينا فَلم يشف مَا بِنَا ثمَّ قَالَ: على أَن قرب الدَّار خير من الْبعد كالإضراب عَن الأول لِأَن الْمَعْنى: فَلم يحصل لنا شِفَاء أصلا وَإِذا كَانَ قرب الدَّار خيرا فِي الْمَعْنى المُرَاد فَفِيهِ شِفَاء أَو بعض شِفَاء أصلا.
وَكَذَلِكَ قَوْله: على أَن قرب الدَّار خير من الْبعد فاستدرك أَنه لَا يكون خيرا إِلَّا مَعَ الود فَأبْطل الْعُمُوم الْمُتَقَدّم فِي قَوْله قرب الدَّار خير من الْبعد. هَذَا مَعْنَاهَا وَأما تعلقهَا على الْوَجْه الإعرابي فَيحْتَمل أَمريْن: أَحدهمَا: أَن تتَعَلَّق بِالْفِعْلِ الْمُتَقَدّم قبلهَا كَمَا تعلّقت حاشا الاستثنائية بِمَا قبلهَا لكَونهَا أوصلت معنى مَا قبلهَا إِلَى مَا بعْدهَا على وَجه الإضراب والإخراج. وَأظْهر مِنْهُ أَن يُقَال: إِنَّهَا فِي مَوضِع خبر مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ كَأَنَّهُ قيل: وَالتَّحْقِيق على أَن الْأَمر كَذَا. فتعلقها بِمَحْذُوف كَمَا يتَعَلَّق كل خبر جَار ومجرور لِأَن الْجُمْلَة الأولى وَقعت عَن غير تَحْقِيق ثمَّ جِيءَ بِمَا هُوَ التَّحْقِيق فِيهَا وَحذف الْمُبْتَدَأ لوضوح الْمَعْنى. اه.
وَقد لخص ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي هَذَا الْكَلَام فِي على. وَالْعجب من ابْن هِشَام فَإِنَّهُ ذكر فِي شرح شواهده مَا قَالَه التبريزي من كَون على أَنَّهَا تَعْفُو حَال وعامله لَا أنسى وغفل عَن كَلَام الْمُغنِي هَذَا.
وَالَّذِي رَوَاهُ أَبُو بكر الْقَارِي فِي أشعار الهذليين والمبرد فيي الْكَامِل وَأَبُو عَليّ القالي فِي أَمَالِيهِ وَابْن جني فِي الْمُحْتَسب: بلَى إِنَّهَا تَعْفُو الكلوم وَإِنَّمَا.