وَأنْشد بعده
الشَّاهِد الرَّابِع بعد الأربعمائة: الوافر
(وكائن بالأباطح من صديقٍ ... يراني لَو أصبت هُوَ المصابا)
على أَن رُبمَا وَقع ضمير الْفَصْل بِلَفْظ الْغَيْبَة بعد حَاضر لقِيَامه مقَام مُضَاف غَائِب أَي: يرى مصابي هُوَ الْمُصَاب.
بَيَانه: أَن هُوَ فصل وَقع بعد ضمير الْحَاضِر أَي: الْمُتَكَلّم فَكَانَ حَقه فِي الظَّاهِر أَن يَقُول: يراني أَنا الْمُصَاب لِأَن ضمير الْفَصْل يجب أَن يكون وفْق مَا قبله فِي الْغَيْبَة وَالْخطاب التَّكَلُّم لِأَن فِيهِ نوعا من التوكيد تَقول: علمت زيدا هُوَ المنطلق وعلمتك أَنْت المنطلق وعلمتني أَنا المنطلق.
وَحِينَئِذٍ يتَوَجَّه عَلَيْهِ سؤالان: أَحدهمَا: كَيفَ وَقع ضمير الْغَيْبَة بعد ضمير الْمُتَكَلّم وَحقّ الْفَصْل أَن يكون وفقاً لما قبله وَثَانِيهمَا: أَن الْمَفْعُول الثَّانِي فِي بَاب
علم يجب أَن يكون مُوَافقا للْمَفْعُول الأول فِي الماصدق فَكيف يَصح حمل الْمُصَاب الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْمُصِيبَة على الْيَاء فِي يراني وَأجَاب الشَّارِح الْمُحَقق عَنْهُمَا بِمَا ذكره وَهُوَ أَن الضَّمِير الْحَاضِر وَهُوَ الْيَاء قَائِم مقَام الْمُضَاف الْغَائِب أَي: يرى مصابي هُوَ الْمُصَاب. وَالْمعْنَى يرى مصابي هُوَ الْمُصَاب الْعَظِيم وَيسْقط بِهَذَا الْجَواب السؤالان.
وَوجه قيام الْيَاء مقَام الْمُضَاف أَن مفعول يرى فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْمُضَاف الْمَحْذُوف وَالْيَاء مُضَاف إِلَيْهِ فَلَمَّا حذف الْمُضَاف قَامَ الْيَاء الْمَجْرُور محلا مقَام