إِنَّه لَيْسَ من حرف تلْحقهُ يَاء الْإِضَافَة إِلَّا كَانَ متحركاً مكسوراً وَلم يُرِيدُوا أَن يحركوا الطَّاء وَلَا النونات لِأَنَّهَا لَا تذكر أبدا إِلَّا وَقبلهَا حرف متحرك مكسور وَكَانَت النُّون أولى لِأَن من كَلَامهم أَن تكون النُّون وَالْيَاء عَلامَة الْمُتَكَلّم فجاؤوا بالنُّون لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مَعَ الْيَاء لم تخرج هَذِه الْعَلامَة من عَلَامَات الْإِضْمَار وكرهوا إِن يجيئوا بِحرف غير النُّون فيخرجوا من عَلَامَات الْإِضْمَار.
وَإِنَّمَا حملهمْ على أَن لم يحركوا الطَّاء والنونات كَرَاهِيَة أَن يشبه الْأَسْمَاء نَحْو: يَد وَهن. وَأما مَا يُحَرك آخِره فنحو مَعَ ولد كتحريك أَوَاخِر هَذِه الْأَسْمَاء لِأَنَّهُ إِذا تحرّك آخِره فقد صَار كأواخر الْأَسْمَاء فَمن ثمَّ لم يجعلوها بمنزلتها فَمن ذَلِك معي وَلَدي فِي مَعَ ولد وَقد جَاءَ فِي الشّعْر قدي.
قدني من نصر الخبيبين قدي لما اضْطر شبهه بحسبي وهني لِأَن مَا بعد حسب وَهن مجرور كَمَا أَن مَا بعد قطّ مجرور فَجعلُوا عَلامَة الْإِضْمَار فيهمَا سَوَاء كَمَا قَالَ: ليتي حَيْثُ اضْطر. انْتهى كَلَام سِيبَوَيْهٍ.
ورده صَاحب الْكَشَّاف والبيضاوي عِنْد قَوْله تَعَالَى: قَدْ بَلَغْت مِنْ لَدُنِي عُذْراً على قِرَاءَة نَافِع بتحريك نون لدن والاكتفاء بهَا عَن نون الْوِقَايَة كَمَا فِي: قدني من نصر الخبيبين قدي