. على أَنه قد جَاءَ حذف نون الْوِقَايَة مَعَ نون الضَّمِير للضَّرُورَة كَمَا هُنَا. وَالْأَصْل: إِذا فلينني بنونين.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَإِذا كَانَ فعل الْجَمِيع مَرْفُوعا ثمَّ أدخلت فِيهِ النُّون الْخَفِيفَة أَو الثَّقِيلَة حذفت نون وَتقول: هَل تفعلن ذَاك بِحَذْف نون الرّفْع لِأَنَّك ضاعفت النُّون وهم يستثقلون التَّضْعِيف فحذفوها إِذْ كَانَت تحذف وهم فِي هَذَا الْموضع أَشد استثقالاً للنونات وَقد حذفوها فِيمَا هُوَ أَشد من ذَا بلغنَا أَن بعض الْقُرَّاء قَالَ: تحاجوني وَكَانَ يقْرَأ: فَبِمَ تبشروني خَفِيف وَهِي قِرَاءَة أهل الْمَدِينَة وَذَلِكَ لأَنهم استثقلوا التَّضْعِيف.
قَالَ عَمْرو بن معد يكرب:
(ترَاهُ كالثّغام يعلّ مسكاً ... يسوء الفاليات إِذا فليني)
يُرِيد: إِذا فلينني. انْتهى.
قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِي حذف النُّون فِي قَوْله فليني كَرَاهَة لِاجْتِمَاع النونين وحذفت نون الْيَاء دون جمَاعَة النسْوَة لِأَنَّهَا زَائِدَة لغير معنى. انْتهى.
وَهَذَا مُوَافق لما قَالَه الشَّارِح.
وَأخذ ابْن مَالك بِظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ فِي التسهيل أَن الْمَحْذُوف هُنَا نون النسْوَة وَقَالَ: هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.
وَوَجهه فِي شَرحه بِأَنَّهُم حَافظُوا على بَقَاء نون الْوِقَايَة مُطلقًا لما كَانَ للْفِعْل بهَا صون ووقاية.