وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك من حَيْثُ كَانَ مَا عطف بِالْوَاو بِمَنْزِلَة مَا جمع فِي لَفْظَة وَاحِدَة. أَلا تراك تَقول: زيد وَعَمْرو أَخَوَاك فَإِن أخْبرت عَنْهُمَا جَمِيعًا قلت: اللَّذَان هما

أَخَوَاك زيد وَعَمْرو فتأتي بضميرهما جُزْءا وَاحِدًا وَكَانَ أَحدهمَا على صَاحبه مَعْطُوفًا. وَكَذَلِكَ: زيد وَعَمْرو مَرَرْت بهما. انْتهى.

وَهَذَا الْبَيْت آخر أبياتٍ أَرْبَعَة لمسافع بن حُذَيْفَة الْعَبْسِي مَذْكُورَة فِي بَاب المراثي من الحماسة وَهِي:

(أبعد بني عمروٍ أسرّ بمقبلٍ ... من الْعَيْش أَو آسى على إِثْر مُدبر)

(وَلَيْسَ وَرَاء الشَّيْء شيءٌ يردّه ... عَلَيْك إِذا ولّى سوى الصّبر فاصبر)

(سلامٌ بني عَمْرو على حَيْثُ هامكم ... جمال النّديّ والقنا والسّنوّر)

أولاك بَنو خير ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . . الْبَيْت)

قَوْله: أبعد بني عَمْرو الخ الْهمزَة للاستفهام الإنكاري وَأسر بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول من السرُور ومقبل بِمَعْنى آتٍ ومدبر بِمَعْنى ذَاهِب وآسى: مضارع أسي من بَاب تَعب بِمَعْنى حزن.

وَقَوله: سوى الصَّبْر اسْتثِْنَاء مُنْقَطع لِأَن الصَّبْر لَيْسَ من الشَّيْء الرَّاد الْفَائِت فِي شَيْء. يَقُول: أأسر بعيش مقبل أَو زمن مساعد بعد أَن فجعت بهؤلاء أَو أَحْزَن فِي إِثْر فَائت أَو أجزع لتولي مُدبر وَلَيْسَ وَرَاء الشَّيْء الْفَائِت شَيْء يردهُ عَلَيْك فَالْأولى أَن تتمسك بِالصبرِ وتعتصم وَقَوله: سَلام بني عَمْرو الخ سَلام مُبْتَدأ وَجَاز الِابْتِدَاء بِهِ لتَضَمّنه الدُّعَاء. وَخَبره قَوْله: على حَيْثُ هامكم.

قَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة هامكم مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر من جملَة مجرورة الْموضع بِإِضَافَة حَيْثُ إِلَيْهَا أَي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015