وترجمة جرير قد تقدّمت فِي الشَّاهِد الرَّابِع فِي أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده
الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الثلاثمائة الرجز
(يَا لَيْتَني كنت صبيّاً مُرْضعًا ... تحملنِي الذّلفاء حولا أكتعا)
على أَن الْكُوفِيّين اسْتشْهدُوا بِهِ على جَوَاز توكيد النكرَة المؤقتة الْمَعْلُومَة الْمِقْدَار وَهُوَ حول بِمَعْنى الْعَام.
قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: حَال حولا من بَاب قَالَ إِذا مضى. وَمِنْه قيل للعام حول وَإِن لم يمض لِأَنَّهُ سَيكون حولا تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ.
وَفِيه شَاهد آخر وَهُوَ التَّأْكِيد ب أَكْتَع غير مَسْبُوق بأجمع. وَبعده بَيت آخر وَهُوَ:
(إِذا بَكَيْت قبّلتني أَرْبعا ... إِذن ظللت الدّهر أبْكِي أجمعا)
وَفِيه أَيْضا شَاهِدَانِ: أَحدهمَا: التَّأْكِيد بأجمع غير مَسْبُوق بِكُل. وَثَانِيهمَا: الْفَصْل بَين الْمُؤَكّد قَالَ ابْن عبد ربه فِي العقد الفريد: نظر أَعْرَابِي إِلَى امْرَأَة حسناء وَمَعَهَا صبي يبكي فَكلما بَكَى قبلته فَأَنْشَأَ يَقُول هَذَا الرجز.
وَقَوله: يَا لَيْتَني الخ يَا حرف تَنْبِيه ومرضع اسْم مفعول من أَرْضَعَتْه إرضاعاً. وَجُمْلَة: تحملنِي الذلفاء صفة ثَانِيَة. وَيجوز أَن تكون حَالا من ضمير مرضع وَيجوز أَن تكون خَبرا ثَانِيًا لَكُنْت.
والذلفاء بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَبعد اللَّام الساكنة فَاء: وصف مؤنث أذلف من الذلف وَهُوَ صغر الْأنف واستواء الأرنبة. وَيحْتَمل أَنه اسْم امْرَأَة مَنْقُول من هَذَا.