المخل بالمعاني. وَسمعت شَيخنَا يَقُول: إِنِّي لأعجب من إِبْرَاهِيم بن هِشَام المَخْزُومِي حِين فهم قَول الفرزدق: الطَّوِيل

(وَمَا مثله فِي النّاس إلاّ مملّكاً ... أَبُو أمّه حيٌّ أَبوهُ يُقَارِبه)

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب فِي كِتَابه الْمَوْضُوع لجوابه الْمسَائِل السِّت الْإسْكَنْدَريَّة: إِن أَبَا حَاتِم السجسْتانِي قَالَ: لَيْسَ الفرزدق أَهلا لِأَن يستشهد بِشعرِهِ على كتاب الله لما فِيهِ من التعجرف.

وَقَالَ ابْن الخشاب أَيْضا: لم يجر فِي سنَن الفرزدق من تعجرفه فِي شعره بالتقديم وَالتَّأْخِير المخل بمعانيه وَالتَّقْدِير الْمُشكل إِلَّا المتنبي وَلذَلِك مَال إِلَيْهِ أَبُو عَليّ وَابْن جني لِأَنَّهُ مِمَّا يُوَافق صناعتهما.

وَلَا ينفع المتنبي شَهَادَة أبي عَليّ لَهُ بالشعر لِأَن أَبَا عَليّ مُعرب لَا نقاد وَإِنَّمَا تَنْفَعهُ شَهَادَة مثل العسكريين وَأبي الْقَاسِم الْآمِدِيّ فَإِنَّهُم أَئِمَّة يقْتَدى بهم فِي نقد الْإِعْرَاب. انْتهى مَا أوردهُ أَبُو حَيَّان.

وَقد تكلّف لَهُ الْعلمَاء عدَّة توجيهات ذكر الشَّارِح الْمُحَقق مِنْهَا ثَلَاثَة أوجه وَالثَّلَاثَة مَبْنِيَّة على رِوَايَة لم يدع بِفَتْح الدَّال وعَلى رِوَايَة نصب مسحت.

أما الأول فَهُوَ للخليل بن أَحْمد وَقَالَ: هُوَ على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ: لم يبْق من المَال إِلَّا مسحت لِأَن معنى لم يبْق وَلم يدع وَاحِد وَاحْتَاجَ إِلَى الرّفْع فَحَمله على شَيْء فِي مَعْنَاهُ.

قَالَ أَبُو عَليّ فِي إِيضَاح الشّعْر: نصب مسحت بيدع بِمَعْنى التّرْك وَحمل مجلف بعده على الْمَعْنى لِأَن معنى لم يدع من المَال إِلَّا مسحتاً تَقْدِيره: وَلم يبْق من المَال إِلَّا مسحت فَحمل مجلف بعده على ذَلِك.

وَمثل ذَلِك فِي الْحمل على الْمَعْنى من أَبْيَات الْكتاب قَوْله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015