لِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ فَكيف يكون تساءلون بِاللَّه

وبالرحم على ذَا وَرَأَيْت إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق يُنكر هَذَا وَيذْهب إِلَى أَن الْحلف بِغَيْر الله أَمر عَظِيم فَإِن ذَلِك خَاص بِاللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

فَأَما الْعَرَبيَّة فإجماع النَّحْوِيين أَنه يقبح أَن ينسق باسم ظَاهر على اسْم مُضْمر فِي حَال الْخَفْض إِلَّا بِإِظْهَار الْخَافِض. فَقَالَ بَعضهم: لِأَن المخفوض حرف مُتَّصِل غير مُنْفَصِل فَكَأَنَّهُ كالتنوين فِي الِاسْم فقبح أَن يعْطف باسم يقوم بِنَفسِهِ على اسْم لَا يقوم بِنَفسِهِ.

وَقد فسر الْمَازِني هَذَا تَفْسِيرا مقنعا فَقَالَ: الثَّانِي فِي الْعَطف شريك الأول فَإِن كَانَ الأول يصلح أَن يكون شَرِيكا للثَّانِي وَإِلَّا لم يصلح أَن يكون الثَّانِي شَرِيكا لَهُ. قَالَ: فَكَمَا لَا تَقول: مَرَرْت بزيد وَبِك كَذَلِك لَا تَقول: مَرَرْت بك وَزيد وَقد جَاءَ فِي الشّعْر.

أنْشد سِيبَوَيْهٍ: فَاذْهَبْ فَمَا بك وَالْأَيَّام من عجب انْتهى وَتعقبه أَبُو شامة فِي شرح الشاطبية بَعْدَمَا نقل عبارَة الزّجاج بقوله: قلت: هَاتَانِ العلتان منقوضتان بالضمير الْمَنْصُوب وَقد جَازَ الْعَطف عَلَيْهِ فالمجرور كَذَلِك. انْتهى.

أَقُول: قد فرق الشَّارِح الْمُحَقق بَينهمَا بِأَن اتِّصَال الْمُضمر الْمَجْرُور بجاره أَشد من اتِّصَال الْفَاعِل الْمُتَّصِل والمضمر الْمَنْصُوب الْمُتَّصِل لَيْسَ كالجزء معنى كَمَا بَينه فَالْقِيَاس مَمْنُوع.

ثمَّ قَالَ أَبُو شامة: وَأما إِنْكَار هَذِه الْقِرَاءَة من جِهَة الْمَعْنى لأجل أَنَّهَا سُؤال بالرحم فَهُوَ حلف وَقد نهي عَن الْحلف بِغَيْر الله تَعَالَى فَجَوَابه أَن هَذَا حِكَايَة مَا كَانُوا عَلَيْهِ فحضهم على صلَة الرَّحِم ونهاهم عَن قطعهَا ونبههم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015