وَحمل أَبُو عبيد النمري فِي شرح الحماسة هَذَا الْكَلَام على ظَاهره فَقَالَ: يَقُول: يصبح أعداءه بالغارة فيغنم ويؤوب فوصفه بِالْفَتْكِ وَالظفر وَحسن الْعَاقِبَة. وَهَذَا بَين وَاضح.
ورد عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الْأسود فَقَالَ: هَذَا مَوضِع الْمثل: أَخْطَأت استك الحفرة كَيفَ يذكرهُ بِالْفَتْكِ وَالظفر وَهُوَ أعدى عَدو لَهُ وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه لهف أمه وَهِي زيابة أَن لَا يلْحقهُ فِي بعض غاراته فيقتله أَو يأسره. انْتهى.
وَمِنْه تعلم أَن قَول ابْن هِشَام: يَا لهف أبي عَليّ الْحَارِث إِذْ صبح قومِي بالغارة غير جيد من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: تَفْسِير زيابة بِالْأَبِ وَالثَّانِي: تَقْيِيد صبح بقوله قومِي.
وَقد ذهب إِلَيْهِ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي فَقَالَ: تأسف أَن صبحهمْ فغنم وآب سالما. والصابح: الَّذِي يصبح الْقَوْم بالغارة.
والْحَارث هَذَا هُوَ الْحَارِث بن همام بن مرّة بن ذهل بن شَيبَان. وَإِنَّمَا قَالَ ابْن زيابة فِيهِ هَذَا الشّعْر جَوَابا عَن شعر لَهُ فِيهِ. وَهَذَا شعر الْحَارِث بن همام: السَّرِيع)
(أيا ابْن زيّابة إِن تلقني ... لَا تلقني فِي النّعم العازب)
العازب: الْبعيد. يُرِيد: إِنَّك لَا تراني راعي إبل. وَالْمعْنَى: إِنَّمَا صَاحب فرس ورمح أغير على الْأَعْدَاء وأحارب من يَبْتَغِي حَرْبِيّ. ويشتد: من
الشد وَهُوَ الْعَدو. والأجرد: الْفرس الْقصير الشّعْر: وَالْبركَة بِكَسْر الْمُوَحدَة: الصَّدْر أَي: مُتَقَدم مشرفه. كالراكب أَي: إشرافه إشراف الرَّاكِب لَا المركوب. وأيا: حرف نِدَاء وَابْن زيابة: منادى.