خرب جُحْره.
وَمثله مِمَّا قَالَه النحويون: مَرَرْت بِرَجُل حسن الْأَبَوَيْنِ لَا قبيحين وَالتَّقْدِير لَا قَبِيح الْأَبَوَيْنِ وَأَصله لَا قَبِيح أَبَوَاهُ ثمَّ جعل فِي قَبِيح ضمير الْأَبَوَيْنِ فَثنى لذَلِك وأجرى على الأول فخفض وَاكْتفى بضمير الْأَبَوَيْنِ وَلم يعد ظاهرهما لما تقدم من الذّكر. انْتهى.
قَالَ أَبُو حَيَّان بعد أَن نقل قَوْلهمَا: ومذهبهما خطأ من غير مَا وَجه لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون الْجُحر مُخَصّصا بالضب والضب مُخَصص بخراب الْجُحر الْمُخَصّص بِالْإِضَافَة إِلَى الضَّب فتخصيص كل مِنْهُمَا مُتَوَقف على صَاحبه وَهُوَ فَاسد للدور وَلَا يُوجد ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب أَعنِي لَا يُوجد مَرَرْت بِوَجْه رجل حسن الْوَجْه وَلَا حسن وَجهه وَلِأَنَّهُ من حَيْثُ أجْرى الخرب صفة على الضَّب لزم إبراز الضَّمِير لِئَلَّا يلبس وَقد فرق سِيبَوَيْهٍ بَين حسن الْوَجْه وَحسن.
وَلِأَن مَعْمُول هَذِه الصّفة لَا يتَصَرَّف فِيهِ بالحذف لضعف عَملهَا. فَأَما قَول الشَّاعِر: الطَّوِيل
(ويضحك عرفان الدّروع جلودنا ... إِذا جَاءَ يومٌ مظلم الشّمس كاسف)
فَلَا يُرِيد كاسف الشَّمْس فَيكون قد حذف مَعْمُول الصّفة وَإِن كَانَ قد ذهب إِلَيْهِ بَعضهم وَإِنَّمَا هُوَ عندنَا صفة لليوم نَفسه لِأَن الْكُسُوف يكون فِيهِ فَيكون نَحْو قَوْلهم: نهارك صَائِم وليلك قَائِم.
وَلِأَن هَذِه الصّفة لَا يجوز نقل الضَّمِير إِلَيْهَا حَتَّى يَصح نسبتها إِلَى الْمَوْصُوف على طَرِيق الْحَقِيقَة. أَلا ترى أَنه لَا يَصح عندنَا مَرَرْت بِرَجُل حَائِض الْبِنْت لِأَن الْحيض لَا
يكون للرجل.
وَكَذَلِكَ الخرب لَا يكون للضب والمرمل لَا يكون للعنكبوت. وَكَذَلِكَ همز الناب لَا يكون)
للوادي. وَالَّذِي يقطع بِبُطْلَان مَا ذَهَبا إِلَيْهِ قَول الشَّاعِر: