الوافر
(كأنّك من جمال بني أقيش ... يقعقع خلف رجلَيْهِ بشنّ)
على أَن حذف الْمَوْصُوف هُنَا بِدُونِ أَن يكون بَعْضًا من مجرور بِمن أَو فِي لضروة الشّعْر وَالتَّقْدِير: كَأَنَّك جمل بني أقيش. وَهَذَا مِثَال لقِيَام الظروف مقَام الْمَوْصُوف لضَرُورَة الشّعْر والبيتان قبله لقِيَام الْجُمْلَة مقَامه كَذَلِك.
وَقد أوردهُ ابْن النَّاظِم والمرادي فِي شرح الألفية كَمَا أوردهُ الشَّارِح الْمُحَقق. وَفِيه أَن الْبَيْت من الْقسم الأول وَهُوَ أَن الْمَوْصُوف بِالْجُمْلَةِ أَو الظّرْف إِذا كَانَ بَعْضًا من مجرور بِمن أَو فِي يجوز حذفه كثيرا.
وَبَيَانه أَن الْمَوْصُوف يقدر هُنَا قبل يقعقع وَالْجُمْلَة صفة لَهُ أَي: كَأَنَّك جمل يقعقع وَهُوَ بعض من الْمَجْرُور بِمن وَيكون قَوْله من جمال بني أقيش حَالا من ضمير يقعقع الرَّاجِع إِلَى جمل الْمَحْذُوف.
وَقد أوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل وَصَاحب اللّبَاب فِيمَا يجوز حذف الْمَوْصُوف مِنْهُ إِلَّا أَنَّهُمَا جعلاه خَبرا لَكَانَ كالشارح الْمُحَقق. وهما فِي ذَلِك تابعان لسيبويه فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَاب حذف الْمُسْتَثْنى اسْتِخْفَافًا قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلك لَيْسَ غير وَلَيْسَ إِلَّا كَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ إِلَّا ذَاك وَلَيْسَ غير ذَاك وَلكنه حذفوا ذَلِك تَخْفِيفًا واكتفاءً بِعلم الْمُخَاطب مَا يعْنى.
وَسَمعنَا بعض الْعَرَب الموثوق بهم يَقُول: مَا مِنْهُمَا مَاتَ حَتَّى رَأَيْته فيي حَال كَذَا وَإِنَّمَا يُرِيد مَا مِنْهُمَا وَاحِد مَاتَ.
وَمثل ذَلِك قَوْله تَعَالَى جده: وإنْ من أهلِ الكِتاب إلاَّ لِيُؤْمِنَنَّ بهِ قَبْلَ مَوته وَمثل ذَلِك من الشّعْر: كأنّك من جمال بني أقيش