وَفِي هَذِه القصيدة شَاهد آخر يَأْتِي شَرحه إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْعَطف.
الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الثلاثمائة الوافر
(كأنّ حمولهم لمّا استقلّت ... ثَلَاثَة أكلبٍ متطاردان)
على أَن بَعضهم أجَاز وصف الْبَعْض دون بعض محتجّاً بِهَذَا الْبَيْت.
لم أر هَذَا الْبَيْت إِلَّا فِي كتاب المعاياة للأخفش وَهُوَ على طَريقَة أَبْيَات الْمعَانِي. وَنَصه: قَالَ بَعضهم: إِن هَذَا شعر وضع على الْخَطَأ ليعلم الَّذِي يسْأَل عَنهُ كَيفَ فهم من يسْأَله.
وَقَالَ بَعضهم: لَا وَلكنه وصف اثْنَيْنِ مِنْهَا وَأخْبر عَنْهُمَا بتطارد وَأَجَازَ مَرَرْت برجلَيْن صَالح وصف أحد الرجلَيْن وكف عَن الآخر ومررت بِثَلَاثَة رجال صالحين. وَلَا يَقُول هَذَا كل أحد.
وَقد يحْتَملهُ الْقيَاس. انْتهى كَلَامه.
وَيجوز أَن يقْرَأ متطاردان باسم الْفَاعِل وَأَن يقْرَأ يتطاردان بالمضارع. وعَلى كل مِنْهُمَا هُوَ وصف ثَلَاثَة لَكِن بإلغاء وَاحِد مِنْهَا. وَيُشبه هَذَا قَول جرير: الْبَسِيط
(صَارَت حنيفَة أَثلَاثًا فثلثهم ... من العبيد وثلثٌ من مواليها)
قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح كَامِل الْمبرد: هَذَا مِمَّا عيب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يذكر الثَّالِث.
قَالَ الْآمِدِيّ: لما قَالَ جرير هَذَا الْبَيْت قيل لرجل من بني حنيفَة: من أَي الأثلاث أَنْت قَالَ: وَأَرَادَ جرير بِالثُّلثِ الْمَتْرُوك أَشْرَافهم وَترك الثَّالِث عمدا لِأَنَّهُ فِي مقَام