سِيبَوَيْهٍ: وَهَذَا لَا يكَاد يعرف كَمَا أنّ لات حِين مناص ك ذَلِك. وربّ شَيْء هَكَذَا.
قَالَ السّيرافيّ: يَعْنِي أنّ نصب مثلهم بشر على تَقْدِيم الْخَبَر قَلِيل كَمَا أنّ لات حِين مناص بِالرَّفْع قَلِيل لَا يكَاد يعرف انْتهى.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النحّاس: يذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أنّه نصب مثلهم على أنّه خبر وَإِن كَانَ مقدما فَكَأَنَّهُ يُجِيز مَا قَائِما زيد. أَقُول: كَيفَ ينصبونه مقدما قَالَ النحّاس: سَأَلت أَبَا إِسْحَاق عمّا قَالَه المبرّد فَقَالَ: إنّه لعمري من بني تَمِيم. وَلكنه مُسلم قد قَرَأَ الْقُرْآن وَقَرَأَ فِيهِ: مَا هنّ أمّهاتهم فَرجع إِلَى لُغَة من ينصب فَلَا معنى للتشنيع بِأَنَّهُ من بني تَمِيم. انْتهى.
أَقُول: من نصب لَا ينصب مَعَ تقدّم الْخَبَر فَلَا يصحّ هَذَا جَوَابا. وَقيل: أَرَادَ الفرزدق أَن يتكلّم بلغَة الْحجاز فغلط وَهَذَا بَاطِل فَإِن العربيّ لَا يُمكن أَن يغلط لِسَانه وَإِنَّمَا الْجَائِز غلطه فِي الْمعَانِي.
وَقَالَ الأعلم: وَالَّذِي حمله عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ أصحّ عِنْدِي وَإِن كَانَ الفرزدق تميمياً: لأنّه أَرَادَ أَن يخلّص الْمَعْنى من الِاشْتِرَاك: وَذَلِكَ أَنه لَو قَالَ فِيهِ إِذْ مَا مثلهم بشر بِالرَّفْع لجَاز أَن يتوهّم أَنه من بَاب مَا مثلك أحدا إِذا نفيت عَنهُ الإنسانية والمروءة فَإِذا
قَالَ: مَا مثلهم بشر بِالنّصب لم يتَوَهَّم ذَلِك وخلص الْمَعْنى للمدح دون توهّم الذمّ فتأمّله تَجدهُ صَحِيحا.
وَالشعر مَوضِع ضَرُورَة