وَقَالَ: لَا يجوز أَن يكون قَوْله: إِلَّا الفرقدان على تَقْدِير إِلَّا أَن يكون الفرقدان. وَإِنَّمَا لم يجز هَذَا لِأَنَّك لَا تحذف الْمَوْصُول وَتَدَع الصِّلَة لِأَن الصِّلَة تذكر للتخصيص والإيضاح للموصول فَإِذا حذفت الْمَوْصُول لم يجز حذفه وذكرك مَا يكون إيضاحاً لَهُ.
وَنَظِير ذَلِك أَجْمَعُونَ فِي التوكيد لَا يجوز أَن تذكره وتحذف الْمُؤَكّد. فَإِن قلت: لم لَا يكون كالصفة والموصوف فِي جَوَاز حذف الْمَوْصُوف وَذكر الصّفة وَكَذَلِكَ تحذف الْمَوْصُول وتذكر الصِّلَة قلت: لم يكن فِي هَذَا كالوصف إِذا كَانَ مُفردا أَلا ترى أَن الْوَصْف إِذا كَانَ مُفردا كَانَ)
كالموصوف فِي الْإِفْرَاد وَإِذا كَانَ مثله جَازَ وُقُوعه مواقع الْمَوْصُوف من حَيْثُ كَانَ مُفردا مثله مَعَ استقباح لذَلِك.
فَأَما الصِّلَة فَلَا تقع مواقع الْمُفْرد من حَيْثُ كَانَت جملا كَمَا لم يجز أَن تبدل الْجمل من الْمُفْرد من حَيْثُ كَانَ الْبَدَل فِي تَقْدِير تَكْرِير الْعَامِل وَالْعَامِل فِي الْمُفْرد لَا يعْمل فِي لفظ الْجُمْلَة فَكَذَلِك لَا يجوز أَن تحذف الْمَوْصُول وتقيم الصِّلَة مقَامه. فَإِن قلت: هلاّ جَازَ حذفهَا كَمَا جَازَ حذف الصلات وإبقاء الموصولة كَقَوْلِه: بعد اللتيا وَالَّتِي قلت: إبْقَاء الْمَوْصُول وَحذف الصِّلَة أشبه من عكس ذَلِك لِأَن
الْمَوْصُول مُفْرد وَلَيْسَ كالصلة الَّتِي هِيَ جملَة فَكَذَلِك جَاءَ فِي الشّعْر وَلم يمْتَنع كَمَا لَا يمْتَنع أَن يذكر الْمُؤَكّد وَلَا يذكر التَّأْكِيد. وَلَو ذكرت أَجْمَعُونَ وَنَحْوه وَلم تذكر الْمُؤَكّد لم يجز.
انْتهى كَلَام أبي عَليّ ولكثرة فَوَائده نَقَلْنَاهُ برمّته.
ثالثهما مَا نَقله بعض شرّاح أَبْيَات الْمفصل من فضلاء الْعَجم وَهُوَ أَن إِلَّا هُنَا بِمَعْنى حَتَّى وَالْمعْنَى: كل أَخ مفارقه أَخُوهُ حَتَّى إِن الفرقدين مَعَ