وَهُوَ النُّطْق فَلم تضف فِي الْحَقِيقَة إِلَّا لمعرب فَقلت: المعرب إِنَّمَا هُوَ الِاسْم الَّذِي يؤول بِهِ وَأما الْحَرْف المصدري وصلته فمبني أَلا تراهم يَقُولُونَ: الْمَجْمُوع فِي مَوضِع كَذَا ... إِلَى آخر مَا بيّنه. وَظَاهره جَوَاز بِنَاء غير عِنْد إضافتها إِلَى أحد اللَّفْظَيْنِ من المبنيات لَا غير. وَقد عمّم سِيبَوَيْهٍ وَغَيره فِي إضافتها إِلَى كل مَبْنِيّ قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي فِي غير أَنه يجوز بناؤها على الْفَتْح إِذا أضيفت لمبني كَقَوْلِه: لم يمْنَع الشّرْب مِنْهَا غير أَن نطقت وَقَوله:
(لذ بقيس حِين يَأْبَى غَيره ... تلفه بحراً مفيضاً خَيره)
وَذَلِكَ فِي الْبَيْت الأول أقوى لِأَنَّهُ انْضَمَّ إِلَى الْإِبْهَام وَالْإِضَافَة لمبني تضمن غير
معنى إِلَّا وَقَالَ فِي الْأُمُور الَّتِي يكتسبها الِاسْم بِالْإِضَافَة من الْبَاب الرَّابِع: إِن الْبناء يكون فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب: أَحدهَا: أَن يكون الْمُضَاف مُبْهما كَغَيْر وَمثل وَدون. الثَّانِي: ان يكون الْمُضَاف زَمَانا مُبْهما والمضاف إِلَيْهِ إِذْ نَحْو وَمن خزي يَوْمئِذٍ. الثَّالِث: أَن يكون الْمُضَاف زَمَانا مُبْهما والمضاف إِلَيْهِ فعل مَبْنِيّ سَوَاء كَانَ الْبناء أَصْلِيًّا كَقَوْلِه: على حِين عاتبت المشيب أَو عارضاً كَقَوْلِه:)
على حِين يستصبين وَكَذَلِكَ يجوز الْبناء إِذا كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ فعلا معرباً أَو جملَة إسمية على الصَّحِيح اه.
وَقد بَين الشَّارِح الْمُحَقق عِلّة الْبناء فِي الظروف وَفِي الْإِضَافَة.
وَقد ذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز بِنَاء غير فِي كل مَوضِع يحسن فِيهِ إِلَّا سَوَاء أضيفت إِلَى مُتَمَكن أَو غير مُتَمَكن. وَقد بسط الْكَلَام ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف على مَذْهَبهم وَذكر مَا ردّ بِهِ البصريون عَلَيْهِم مفصلا وَمن أحب الِاطِّلَاع عَلَيْهِ فَلْينْظر هُنَاكَ.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لأبي قيس بن الأسلت. وَقَبله:
(تعطيك مشياً وإرقالاً ودأدأة ... إِذا تسربلت الآكام بالآل)
(تردي الإكام إِذا صرّت جنادبها ... مِنْهَا بصلب وقاح الْبَطن عمّال)
لم يمْنَع الشّرْب مِنْهَا غير أَن نطقت قَوْله: ارعويت أَي: رجعت. والوجناء: النَّاقة الشَّدِيدَة وَقيل الْعَظِيمَة الوجنتين. والشملال بِالْكَسْرِ: الْخَفِيفَة السريعة. وَضمير فِيهَا للدَّار. يُرِيد: أَنه طَال وُقُوفه على دَار حبيبته وَلَيْسَ فِيهَا أحد. والإرقال: مصدر أرقلت النَّاقة: إِذا أسرعت وَكَذَلِكَ الدأدأة مصدر دأدأت بِمَعْنَاهُ وهما نوع من الْعَدو.
وَقَوله: إِذا تسربلت الخ الظّرْف مُتَعَلق بقوله تعطيك يُرِيد: وَقت اشتداد الْحر فِي الظهيرة لِأَن الآكام وَهِي الْجبَال إِنَّمَا تتسربل بالآل وَهُوَ السراب عِنْد الظهيرة. والسربال: الْقَمِيص وتسربل أَي: لبس سربالاً والآكام فَاعله وَهُوَ جمع أكم بِضَمَّتَيْنِ كأعناق جمع عنق وَهُوَ جمع إكام بِالْكَسْرِ مثل كتب جمع كتاب والإكام أَيْضا جمع أكم بِفتْحَتَيْنِ مثل جبال جمع جبل وأكم أَيْضا جمع أكمة بِفَتَحَات. يَقُول: