وَفِي الْمَعْنى أَلا ترى أَنه يُرِيد مَا يَوْم لَا أصيد فِيهِ إِلَّا الْخَطِيئَة فَصَارَ كَقَوْلِهِم أقل من جِهَة الْمَعْنى وَمن جِهَة حمل مَا بعْدهَا على مَا أضيف إِلَيْهِ من دونهَا. وَالْقِيَاس فِيهَا وَفِي أقل أَن يكون مَا جرى بعدهمَا من الْكَلَام قد سد مسد الْخَبَر وَصَارَ معنى أقل امْرَأتَيْنِ تقولان ذَلِك مَا امْرَأَتَانِ تقولان ذَلِك وَكَذَلِكَ خَطِيئَة فَحمل الْكَلَام على الْمَعْنى فَلم يحْتَج إِلَى إِضْمَار خبر كَمَا لم تحتج إِلَيْهِ فِي قَوْلك: أذاهب أَخَوَاك وَمَا أشبهه. انْتهى وَبَيت الشَّاهِد من قصيدة طَوِيلَة للبيد بن ربيعَة الصَّحَابِيّ عدَّة أبياتها خَمْسَة وَثَمَانُونَ بَيْتا وَلَا بُد من ذكر أَبْيَات مُتَّصِلَة بِهِ ليتضح مَعْنَاهُ وَهِي:
(ومجود من صبابات الْكرَى ... عاطف النمرق صدق المبتذل)
(قَالَ هجدنا فقد طَال السرى ... وقدرنا إِن خنى الدَّهْر غفل)
(يَتَّقِي الأَرْض بدف شاسف ... وضلوع تَحت صلب قد نحل)
(قَلما عرس حَتَّى هجته ... بالتباشير من الصُّبْح الأول)
(يلمس الأحلاس فِي منزله ... بيدَيْهِ كاليهودي المصل))
(يتمارى فِي الَّذِي قلت لَهُ ... وَلَقَد يسمع قولي حيهل)
(فوردنا قبل فراط القطا ... إِن من وردي تغليس النهل)
قَوْله: ومجود من صبابات الخ الْوَاو وَاو رب والمجود: الَّذِي جاده النعاس وألح عَلَيْهِ حَتَّى أَخذه فَنَامَ من الْجُود بِالْفَتْح وَهُوَ الْمَطَر الغزير