أَبُو الْحسن: لَو قلت أقل رجل ذِي جمّة أَو نَحْو ذَلِك لم يحسن.
قَالَ أَبُو عَليّ: وَإِنَّمَا امْتنع هَذَا لِأَن أقل قد أجري مجْرى حرف النَّفْي فَلم يظْهر لَهُ خبر كَمَا أَن قل جرى مجْرَاه فَلم يسند إِلَى فَاعل. فَإِذا علمت أَنه قد أجري مجْرى حرف النَّفْي بِمَا ذكرت وبأنهم قَالُوا: قل رجل يَقُول ذَلِك إِلَّا زيد كَانَ قَوْلهم: أقل رجل يَقُول ذَلِك أقل فِيهِ بِمَنْزِلَة حرف النَّفْي وحرف النَّفْي يَنْبَغِي أَن يدْخل على كَلَام تَامّ وَالْكَلَام التَّام الْفِعْل وَالْفَاعِل وَمَا حكمهمَا من الظروف وَلَيْسَ الْمُبْتَدَأ وَخَبره مِمَّا يجْرِي مجْرى الْفِعْل وَالْفَاعِل هُنَا.
أَلا ترى أَن أَبَا الْحسن يَقُول: لَو قلت أقل رجل وَجهه حسن لم يحسن. فَدلَّ
ذَلِك على أَنهم جعلُوا أقل بِمَنْزِلَة مَا وَمَا حَقّهَا أَن تَنْفِي فعل الْحَال فِي الأَصْل ويؤكد ذَلِك أَنه صفة وَالصّفة يَنْبَغِي أَن تكون مصاحبة للموصوف فَكَمَا لَا تدخل مَا فِي نفي الْفِعْل إِلَّا على فعل وفاعل كَذَلِك يَنْبَغِي أم يكون الْوَصْف الْوَاقِع بعد الِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ أقل فعلا وفاعلاً أَو ظرفا لِأَن الظّرْف كالفعل.
وَإِذا كَانَت كَذَلِك فَلَو أوقعت جملَة من ابْتِدَاء وَخبر بعده لم يحسن لِأَن مَا فِي الأَصْل لَا تنفيها إِنَّمَا تَنْفِي الْفِعْل وَلَو أوقعت صفة لَا معنى للْفِعْل فِيهَا نَحْو ذِي جمة وَمَا أشبههَا مِمَّا لَا يشابه الْفِعْل لم يجز.
وَلَو أوقعت الصّفة المشابهة للْفِعْل نَحْو ضَارب وَصَالح لم يحسن فِي الْقيَاس أَيْضا أَلا ترى أَن هَذَا مَوضِع جملَة وَاسم الْفَاعِل لَا يسد مسد الْجُمْلَة وَلذَلِك لم تستقل الصِّلَة بِهِ وَاسم الْفَاعِل فِي صفة الِاسْم الْمَجْرُور بربّ أحسن مِنْهُ فِي صفة الِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ أقل. لِأَن ربّ وَمَا انجر بِهِ من جملَة كَلَام أَلا ترى أَن الْفِعْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ مُرَاد وَإِن كَانَ قد يتْرك من اللَّفْظ كَمَا أَن مَا يتَعَلَّق بِهِ الْكَاف من قَوْلك: الَّذِي كزيد كَذَلِك: فَإِذا كَانَت كَذَلِك كَانَت فضلَة والفضلة لَا تمْتَنع أَن تُوصَف بِالصِّفَاتِ الَّتِي لَا تناسب الْفِعْل وَالَّتِي تناسبه