ثمَّ قَالَ: قَوْله: فِي غبن الْأَيَّام يدلّ على أَنهم قد استعملوا الْغبن المتحرك الْأَوْسَط فِي البيع)
وَالْأَشْهر غبنه فِي البيع غبناً بِسُكُون وَسطه والأغلب على الْغبن المفتوح أَن يسْتَعْمل فِي الرَّأْي وَفعله غبن يغبن مثل فَرح يفرح يُقَال: غبن رَأْيه وَالْمعْنَى: فِي رَأْيه. ومفعول الْغبن فِي الْبَيْت مَحْذُوف أَي: فِي غبن الْأَيَّام إيَّاهُم. وَمِمَّا اسْتعْمل فِيهِ الْغبن المفتوح الْأَوْسَط فِي البيع قَول الْأَعْشَى:
(لَا يقبل الرِّشْوَة فِي حكمه ... وَلَا يُبَالِي غبن الخاسر)
وَقَوله: مَا عواقبها مَا استفهامية وينسون معلّق كَمَا علّق نقيضه وَهُوَ يعلمُونَ وَالتَّقْدِير: ينسون أيّ شَيْء عواقبها. وَمعنى قَوْله: وَحب الْحَيَاة كاذبها أَن حب النُّفُوس للحياة قد يَسْتَحِيل بغضاً لما يتَكَرَّر عَلَيْهَا من الشدائد والآفات الَّتِى يتَمَنَّى صَاحبهَا الْمَوْت كَمَا قَالَ المتنبي:
(كفى بك دَاء أَن ترى الْمَوْت شافياً ... وَحسب المنايا أَن يكنّ أمانيا اه)
وَبعد أَن نسب هَذِه الأبيات صَاحب الأغاني لأحيحة بن الجلاح بيّن منشأها فَقَالَ: إِن تبّعاً الْأَخير وَهُوَ أَبُو كرب بن حسان بن تبّع بن أسعد الْحِمْيَرِي أقبل من الْيمن يُرِيد الشرق كَمَا كَانَت التبابعة تفعل فمرّ بِالْمَدِينَةِ فخلّف بهَا ابْنه وَمضى حَتَّى قدم الْعرَاق فَنزل بالمشقّر فَقتل ابْنه بِالْمَدِينَةِ غيلَة فَبَلغهُ الْخَبَر فكرّ رَاجعا حَتَّى دخل الْمَدِينَة وَهُوَ مجمع على