لِأَنَّهَا حضرت المعركة محضضة لعسكر أَبِيهَا فتزعم الْعَرَب أَن الْغُبَار ارْتَفع فِي يَوْم حليمة حَتَّى سدّ عين الشَّمْس وَظَهَرت الْكَوَاكِب المتباعدة من مطلع الشَّمْس فَسَار الْمثل بِهَذَا الْيَوْم قَالُوا: لأرينك الْكَوَاكِب ظهرا. وَأَخذه طرفَة فَقَالَ:
(إِن تنوّله فقد تَمنعهُ ... وتريه النَّجْم يجْرِي بِالظّهْرِ اه)
وَفِي شرح ديوَان النَّابِغَة: سَبَب ذَلِك أَن الْملك كَانَ فِي الضجاعم فَأتى رجل مِنْهُم رجلا من غَسَّان يُقَال لَهُ جذع فَسَأَلَهُ الْخراج فَأعْطَاهُ دِينَارا فَقَالَ: هَات آخر وشدد عَلَيْهِ فاستأجله فَلم يفعل فَلَمَّا ضيق عَلَيْهِ دخل جذع منزله فالتحف على سَيْفه ثمَّ خرج فَضرب بِهِ الضجعمي فَقتله.
فَقَالَ الْقَاتِل: خُذ من جذع مَا أَعْطَاك. وَوَثَبْت غَسَّان ورأسوا عَلَيْهِم رجلا ثمَّ أوقعوا بالضجاعم فَغَلَبَتْهُمْ غَسَّان وَأخذت الْملك مِنْهُم. . وَأما حليمة فَهِيَ ابْنة الغساني الَّذِي رئس عَلَيْهِم وَكَانَت من اجمل النِّسَاء فَأَعْطَاهَا طيبا وأمرها أَن تطيّب من مرّ بهَا من جنده فَجعلُوا يَمرونَ بهَا وتطيبهم فَمر بهَا شَاب فَلَمَّا طيبته تنَاولهَا فقبلها فصاحت وَشَكتْ ذَلِك إِلَى أَبِيهَا فال: اسكتي فَمَا فِي الْقَوْم أجلد مِنْهُ حِين فعل هَذَا بك واجترأ عَلَيْك فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يبلي بلَاء حسنا فَأَنت امْرَأَته وَإِمَّا أَن يقتل فَذَاك أَشد عَلَيْهِ مِمَّا تريدين بِهِ من الْعقُوبَة فأبلى الْفَتى ثمَّ رَجَعَ فزوّجه ابْنَته حليمة انْتهى.
وَفِي الْقَامُوس: وحليمة بنت الْحَارِث بن أبي شمر وَجه أَبوهَا جَيْشًا إِلَى الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء فأخرجت لَهُم مركناً من طيب وطيبتهم مِنْهُ