وَعَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: أرسل عمر إِلَى الحطيئة وَأَنا عِنْده وَقد كَلمه عَمْرو بن الْعَاصِ وَغَيره فَأخْرجهُ من السجْن فأنشده: مَاذَا تَقول لأفراخ بِذِي مرخ
فَبكى عمر ثمَّ قَالَ: عَليّ بالكرسي فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فِي الشَّاعِر فَإِنَّهُ يَقُول الهجو ويشبب بِالنسَاء وينسب بِمَا لَيْسَ فيهم ويذمهم مَا أَرَانِي إِلَّا قَاطعا لِسَانه ثمَّ قَالَ: عَليّ بطست ثمَّ قَالَ: عَليّ بالمخصف عَليّ بالسكين بل عَليّ بالموس فَقَالُوا: لَا يعود يَا أَمِير وروى عبد الله بن الْمُبَارك: أَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لما أطلق الحطيئة أَرَادَ أَن يُؤَكد عَلَيْهِ الْحجَّة فَاشْترى مِنْهُ أَعْرَاض الْمُسلمين جَمِيعًا بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم. فَقَالَ الحطيئة فِي ذَلِك:
(وَأخذت أَطْرَاف الْكَلَام فَلم تدع ... شتماً يضر وَلَا مديحاً ينفع)
(وحميتني عرض اللَّئِيم فَلم يخف ... مني وَأصْبح آمنا لَا يفزع)
وَقد ترجمنا الحطيئة فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد الْمِائَتَيْنِ
(فَاصْدَعْ بِأَمْرك مَا عَلَيْك غَضَاضَة ... وَابْشَرْ بِذَاكَ وقر مِنْهُ عيُونا)