وَأنْشد بعده وَهُوَ

الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الْمِائَتَيْنِ

(لله درّ أنوشروان من رجل ... مَا كَانَ أعرفهُ بالدّون والسفل)

على أَن قَوْله: من رجل تَمْيِيز عَن النِّسْبَة الْحَاصِلَة بِالْإِضَافَة. وَقد بَينه الشَّارِح الْمُحَقق رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وأنوشروان هُوَ أشهر مُلُوك الْفرس وَأَحْسَنهمْ سيرةً وأخباراً. وَهُوَ أنوشروان ابْن قباد ابْن فَيْرُوز.

وَفِي أَيَّامه ولد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وَكَانَ ملكا جَلِيلًا محبّباً للرعايا فتح الْأَمْصَار الْعَظِيمَة فِي الشرق وأطاعته الْمُلُوك. وَقتل

مزدك الزنديق وَأَصْحَابه وَكَانَ يَقُول بِإِبَاحَة الْفروج وَالْأَمْوَال فَعظم فِي عُيُون النَّاس بقتْله. وَبنى المباني الْمَشْهُورَة مِنْهَا السُّور الْعَظِيم على جبل الْفَتْح عِنْد بَاب الْأَبْوَاب وَمِنْهَا الإيوان الْعَظِيم الْبَاقِي الذّكر وَلَيْسَ هُوَ الْمُبْتَدِئ بنائِهِ بل ابْتَدَأَ بِهِ سَابُور وأنوشروان أتمّه وأتقنه حَتَّى صَار من عجائب الدُّنْيَا وَانْشَقَّ لولادة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وأخبار أنوشروان مَشْهُورَة فَلَا نطيل بهَا.

وَقَوله: مَا كَانَ أعرفهُ كَانَ زَائِدَة بَين مَا وَفعل التَّعَجُّب. والدون بِمَعْنى الرَّدِيء وَهُوَ صفة وَمِنْه ثوب دون وَقيل: مقلوب من الدنوّ والأدنى: الرَّدِيء. وَفِي الْقَامُوس: أَن الدون للشريف والخسيس ضدّ. والسفل بِكَسْر السِّين وَفتح الْفَاء: جملَة سفلَة بِكَسْر الأول وَسُكُون الثَّانِي وَالْأَصْل فتح الأول وَكسر الثَّانِي نَحْو كلمة وَكلمَة. قَالَ صَاحب الْقَامُوس وسفلة النَّاس بِالْكَسْرِ وكفرحة: أسافلهم وغوغاؤهم وسفلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015