مكر ومفر بِكَسْر الْمِيم فيهمَا وجرّهما أَي: فرس صَالح للكرّ والفرّ. وَالْكر: الْعَطف يُقَال: كرّ فرسه على عدوه. أَي: عطفه عَلَيْهِ. ومفعل بِكَسْر الْمِيم يتَضَمَّن مُبَالغَة كَقَوْلِهِم: فلَان مسعر حَرْب وَفُلَان مقول ومصقع. وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ متضمناً مُبَالغَة لِأَن مفعلاً يكون من أَسمَاء الأدوات فَكَأَنَّهُ أَدَاة للكرّ والفرّ وَآلَة لتسعر الْحَرْب أَي: تلهبها وَآلَة الْكَلَام. ومقبل ومدبر بِضَم ميميهما: اسْما فَاعل من الإقبال والإدبار. والجلمود بِالضَّمِّ: الصخر الْعَظِيم الصلب. والحط: إِلْقَاء الشَّيْء من علو إِلَى سفل. وعل بِمَعْنى عَال أَي: من مَكَان عَال.
وَفِي هَذَا الْبَيْت الاتساع قَالَ ابْن أبي الإصثبع فِي تَحْرِير التحبير: الاتساع أَن يَأْتِي الشَّاعِر بَيت يَتَّسِع فِيهِ التَّأْوِيل على قدر قوى النَّاظر فِيهِ وبحسب مَا تحْتَمل لفاظه كَقَوْلِه فِي صفة فرس: مكرّ مفرّ مقبل مُدبر مَعًا
لِأَن الْحجر يطْلب جِهَة السّفل لكَونهَا مركزه إِذْ كل شَيْء يطْلب مركزه بطبعه فالحجر يسْرع انحطاطه إِلَى السّفل من الْعُلُوّ من غير وَاسِطَة فَكيف إِذا أعانته قُوَّة دفّاع السَّيْل من عل فَهُوَ حَال تدحرجه يرى وَجهه فِي الْآن الَّذِي يرى فِيهِ ظَهره بِسُرْعَة تقلبه وَبِالْعَكْسِ. وَلِهَذَا قَالَ: مقبل مُدبر مَعًا يَعْنِي يكون إدباره وإقباله مُجْتَمعين فِي المعيّة لَا يعقل الْفرق بَينهمَا.)
وَحَاصِل الْكَلَام وصف الْفرس بلين الرَّأْس وَسُرْعَة الانحراف فِي صدر الْبَيْت وَشدَّة الْعَدو فِي عَجزه. وَقيل: إِنَّه جمع وصفي الْفرس بِحسن الْخلق وَشدَّة الْعَدو ولكونه قَالَ فِي صدر الْبَيْت إِنَّه حسن الصُّورَة كَامِل