لكل وَاحِد مِنْهُم وسألهم عَن أسمائهم فأخبروه فَفرق فيهم الْإِبِل وَالْغنم وَجَاء أَبوهُ فَقَالَ: مَا فعلت قَالَ: طوقتك مجد الدَّهْر تطويق الْحَمَامَة وعرفه الْقَضِيَّة.
فَقَالَ أَبوهُ: إِذا لَا أساكنك بعْدهَا أبدا وَلَا أوويك فَقَالَ حَاتِم: إِذا لَا أُبَالِي.
روى مُحرز مولى أبي هُرَيْرَة قَالَ: مر نفر من عبد الْقَيْس بِقَبْر حَاتِم فنزلوا قَرِيبا مِنْهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رجل يُقَال لَهُ: أَبُو الْخَيْبَرِيّ وَجعل يرْكض بِرجلِهِ قَبره وَيَقُول: اقرنا. فَقَالَ بَعضهم: وَيلك مَا يَدْعُوك أَن تعرض لرجل قد مَاتَ قَالَ: إِن طيئاً تزْعم أَنه مَا نزل بِهِ أحد إِلَّا قراه. ثمَّ أجنهم اللَّيْل فَنَامُوا. فَقَامَ أَبُو الْخَيْبَرِيّ فَزعًا وَهُوَ يَقُول: واراحلتاه فَقَالُوا لَهُ: مَالك قَالَ: أَتَانِي حَاتِم فِي النّوم وعقر نَاقَتي بِالسَّيْفِ وَأَنا أنظر إِلَيْهَا ثمَّ أَنْشدني شعرًا حفظته يَقُول فِيهِ:
(أَبَا الْخَيْبَرِيّ وَأَنت امْرُؤ ... ظلوم الْعَشِيرَة شتامها)
(اتيت بصحبك تبغي الْقرى ... لَدَى حُفْرَة قد صدت هامها)
(أتبغي لي الذَّم عِنْد الْمبيت ... وحولك طي وأنعامها)
(فَإنَّا سنشبع أضيافنا ... ونأتي الْمطِي فنعتامها)
فَقَامُوا وَإِذا نَاقَة الرجل تكوس عقيراً فانتحروها وَبَاتُوا يَأْكُلُون