أَحدهمَا أَن تجْعَل مصدرا هُوَ مَعْقُول بِهِ كَمَا تَقول إياك وزيداً وَأَصله أَن تَقول إياك وَأَن تفعل كَمَا قَالَت إياك وزيداً وَلَكنهُمْ حذفوا الْوَاو لطول الْكَلَام.
ويقدّر أَيْضا إياك من أَن تفعل إِذا حذرته الْفِعْل.
وَالْوَجْه الآخر: أَن تجْعَل أَن تفعل مَفْعُولا لَهُ وَهَذَا لَا يحْتَاج إِلَى حرف عطف وَيجوز أَن يَقع الْمصدر موقعه
فَإِذا وَقع أَن وَالْفِعْل بِمَنْزِلَة الْمَفْعُول ثمَّ أوقعت الْمصدر موقعه لم يَك بدّ من إِدْخَال الْوَاو عَلَيْهِ كَمَا تدخل على غَيره من المفعولات.
ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِلَّا أَنهم زَعَمُوا أَن ابْن أبي إِسْحَاق أجَاز هَذَا الْبَيْت وَهُوَ قَوْله. فإياك إياك المراء. . الخ.
وَالشَّاهِد فِيهِ أَنه أَتَى بالمراء وَهُوَ مفعول بِهِ بِغَيْر حرف عطف. وَعند سِيبَوَيْهٍ أَن نصب المراء بإضمار فعل لِأَنَّهُ لم يعْطف على إياك. وسيبويه وَابْن أبي اسحاق ينصبه ويجعله كَأَن وَالْفِعْل وينصبه بِالْفِعْلِ الَّذِي نصب إياك يقدر فِيهِ: اتَّقِ المراء كَمَا يقدر فعلا آخر ينصب إياك. وَقَالَ الْمَازِني: لما كرر إياك مرَّتَيْنِ كَانَ أَحدهمَا عوضا من الْوَاو. وَعند الْمبرد: المراء بِتَقْدِير أَن تُمَارِي كَمَا تَقول: إياك أَن تُمَارِي: أَي مَخَافَة أَن تُمَارِي.
وَهَذَا الْبَيْت نسبه أَبُو بكر مُحَمَّد التاريخي فِي طَبَقَات النُّحَاة وَكَذَلِكَ ابْن بري فِي حَوَاشِيه)
على درة الغواص الحريرية وَكَذَلِكَ تِلْمِيذه ابْن خلف فِي شرح شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ للفضل بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي يَقُوله لِابْنِهِ الْقَاسِم بن الْفضل. قَالَ ابْن بري: وَقبل هَذَا الْبَيْت: ...