ذكر الإدماج

قد عز إدماج شوقي والدموع لها ... على بهار خدودي صبغة العنم1

هذا النوع، أعني الإدماج: هو أن يدمج المتكلم غرضًا له في ضمن معنى قد نحاه من جملة المعاني، ليوهم السامع أنه لم يقصده، وإنما عرض في كلامه لتتمة معناه الذي قصده، كقول عبد الله بن عبيد الله لعبد الله بن سليمان بن وهب، حين وَزِر للمعتمد، وكان ابن عبيد الله قد اختلّت حاله فكتب لابن سليمان:

أبي دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعفنا في من نحب ونكرم

فقلت له نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدم

فأدمج شكوى الزمان، وشرح ما هو عليه من الاختلال في ضمن التهنئة، وتلطف في التلويح، ورقق التخيّل لبلوغ الغرض، مع صيانة نفسه عن التصريح بالسؤال. لا جرم أن ابن سليمان فطن لذلك ووصله واستعمله.

ومن لطيف الإدماج قول ابن نباته السعدي:

ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فهل من حليم أودع الحلم عنده

ابن نباتة أدمج الفخر في الغزل فإنه جعل حلمه لا يفارقه البتة، ولا يرغب عنه بنفسه جملة، وإنما عزم على أن يودعه، إذ كان لا بد له من وصل هذا المحبوب لأن الودائع تستعاد، ثم استفهم عن الخل الصالح الذي يصلح لهذه الوداعة استفهامًا إنكاريًّا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015