ذكر التمكين:

تمكين سقمي بدا من خيفة حصلت ... لكن مدائحه قد أبرأت سقمي

هذا النوع -أعني التمكين- وهو ائتلاف القافية، منهم من سماه بالتمكين، منهم من سماه بائتلاف القافية: وهو أن يمهد الناثر لسجعه فقرة، أو الناظم لقافية بيته تمهيدًا تأتي به القافية ممكنة في مكانها، مستقرة في قرارها، غير نافرة ولا قلقة، ولا مستدعاة بما ليس له تعلق بلفظ البيت ومعناه، بحيث إن منشد البيت، إذا سكت دون القافية، كملها السامع بطباعه بدلالة من اللفظ عليها. وأكثر فواصل القرآن على هذه الصورة، والذي عقد البديعيون عليه الخناصر في هذا الباب، قول أبي الطيب:

يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم

وقال ابن أبي الأصبع: لم نسمع لمتقدم شعرًا متمكنًا في قافية أشد من تمكين النابغة الذبياني، حيث قال:

كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندي

زعم الغمام ولم أذقه بأنه ... يروي بريقته من العطش الصدي

قلت: ويعجبني هنا قول صدر الدين بن عبد الحق، ولعمري إنه أمكن وألطف وأظرف، وهو:

ورب ظبي آنس ... حشاشتي ملّكته

أسقيته أسكرته ... حركته نبهته

نادمته أعجبته ... حدثته أطربته

مددته كشفته ... بلا طويل نكته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015