شملته العناية قديمًا بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} 1 وأما قرا عثمان فمقل سيوفنا ما غمضت عنه في أجفانها، وأنامل أسنتنا، ما ذكرت نوبته إلا شرعت في جس عيدانها، وجوارح سهامنا ما برحت تنفض ريش أجنحتها للطيران إليه، وإن كان معنى سافلًا فلا بد لأجل الغرض اليوسفي أن نخيم عليه، وننزل سلطان قهرنا بأرضه، ونغرس فيها عوامل المران2، وإن كانت من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يهمل إلا لاشتغال الدولتين بالدخول في تطهير الأرض من الخوارج، وإيقاع الضرب الداخل بعد جس العيدان في كل خارج، وقد آن سله لئلا يكون بين المحب والمحبوب رقيبًا، ولا بد أن يجانسه العكس ويرى ذلك قريبًا، ويدهمه من أبي النصر أبناء حرب شرف في أنساب الوقائع جدهم، ورد الجموع الصحيحة إلى التكسير فردهم، وإذا كثرت الخدود وتوردت بالدماء غردت بورق الحديد الأخضر مردهم3، وإذا امتدوا إلى أمد تلالهم حصنهم سورة الفتح قبل القتال، فإنهم مريدون ولهم شيخ منحه الله بكثرة الفتوح والإقبال، وإذا صرفوا الهمم المؤيدية لم تكن لهم حصونهم عند ذلك الصرف مانعة، ولم يسمع لساكنها مجادلة إذا صدموا بالحديد وتلت تلك الحصون الواقعة4، وإن كانت المنايا غابت عنه مدة، كلمته ألسنة سيوفهم وقالت حصرت، وإذا طرق بروجه منهم طارق رأى سماء تلك البروج قد انفطرت، وما خفي عن كريم علمه ما جمعه الناصر من الجموع التي مزقها الله أيدى سبأ، وكم سائل سأل وقد رآهم في النازعات عن ذلك النبأ.

وقد أشار بعض شعراء دولتنا الشريفة إلى ذلك بقصيدة كامل بحرها مديد، ولكن القصد هنا من أبيات تلك القصيدة:

يا حامي الحرمين والأقصى ومن ... لولاه لم يسمر بمكة سامر

والله إن الله نحوك ناظر ... هذا وما في العالمين مناظر

فرج على اللجون نظم عسكرا ... وأطاعه في النظم بحر وافر5

فانبت منه زحافه في وقعة ... يا من بأحوال الوقائع شاعر6

وجميع هاتيك البغاة بأسرهم ... دارت عليهم من سطاك دوائر

وعى ظهور الخيل ماتوا خيفة ... فكأن هاتيك السروج مقابر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015