جمعت مؤتلفًا فيهم ومختلفًا ... مدحًا وقصرت عن أوصاف شيخهم
هذا النوع -أعني جمع المؤتلف والمختلف- ذكر المؤلفون فيه أقوالًا كثيرة غير سديدة، ومثلوه بأمثله غير مطابقة، ولم يحرره ويطابقه بالأمثلة الصحيحة اللائقة غير الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع، والذي تحرر عنده: أن هذا النوع عبارة عن أن يريد الشاعر التسوية بين ممدوحين، فيأتي بمعانٍ مؤتلفة في مدحهما، ويروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر، بزيادة فضل لا ينقص بها مدح الآخر، فيأتي لأجل الترجيح بمعانٍ تخالف معنى التسوية، كقوله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} 1 فحصلت المساواة في الحكم والعلم، فساوى بينهما في أهلية الحكم، ثم رجح سليمان فقال: ففهمناها سليمان، ثم راعى حق الوالد فقال: وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا، فحصلت المساواة في الحكم والعلم. وكقول الخنساء في أخيها، وقد أرادت مساواته بأبيها مع مراعاة حق الوالد بزيادة مدح لا ينقص به حق الولد:
جارى أباه فأقبلا وهما ... يتعاوران ملاءة الفخر2
وهما وقد برزا كأنهما ... صقران قد حطا على وكر
حتى إذا نزت القلوب وقد ... لزت هناك العذر بالعذر