هم معشر بسطوا جودًا سقاه حيًّا ... فأخضر العيش في أكتاف أرضهم1
هذا النوع، أعني البسط، من مستخرجات ابن أبي الأصبع، والبسط بخلاف الإيجاز لكونه عبارة عن بسط الكلام، لكن شروطه زيادة الفائدة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم".
فبسط هذه اللفظة الجامعة، ليفرد الأئمة بالذكرمن جملة المسلمين، ولم يكن الاقتصار على الأئمة لأجل نقص المعنى، إذ تمامه لا يكون إلا بذكر عامة المسلمين، فأتى بذلك البسط ليفيد تتميم المعنى، بعد تخصيص من يجب تخصيصه بالذكر.
ومن الأمثلة الشعرية المستحسنة على البسط، قول البحتري في الخيري وهو المنثور الأصفر:
قد نفض العاشقون ما صنع الـ ... ـهجر بألوانهم على ورقه
فإن حاصل هذا الكلام الإخبار بصفرة الخيري، فبسط اللفظ الذي لو اقتصر عيه لما حصل به المراد، لما في البسط من حسن إدماج الغزل في الوصف، بغير لفظ التشبيه ولا قرينة، إذ مفهوم اللفظ أن صفرة المنثور تشبيه ألوان المهجورين.
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته:
سهل الخلائق سمح الكف باسطها ... منزه قوله عن لا ولئن ولم