نعم وقد طاب تعليل النسيم لنا ... لأنه مر في آثار تربهم
هذا النوع، أعني التعليل: هو أن يريد المتكلم ذكر حكم واقع، أو متوقع، فيقدم قبل ذكره علة وقوعه، لكون رتبة العلة تتقدم على المعلول، كقوله تعالى: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 1 فسبق الكتاب من الله تعالى علة النجاة من العذاب، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، فخوف المشقة على الأمة، هو علة في التخفيف عنهم من الأمر بالسواك عند كل صلاة.
ومن أمثلته الشعرية قول البحتري:
ولو لم تكن ساخطًا لم أكن ... أذم الزمان وأشكو الخطوبا
فوجود سخط الممدوح، هو علة في شكوى الشاعر.
ومنه قول ابن هانئ الأندلسي:
ولو لم تصافح رجلها صفحة الثرى ... لما صح عندي علة للتيمم
وفي رواية: لما كنت أدري، وعلى كلتا الروايتين، ففي الغلو قبح وإساءة أدب، كيف أنه لم يدر علة للتيمم إلا بما ذكر، وقد علمت صحة التيمم من نص الكتاب والسنة.
ولقد أحسن ابن رشيق القيرواني، في تعليل قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا"، حيث قال: