كأنما الهام أحداق أضرّ بها ... سهد وأسيافه في الحرب طيب كرى

فلما سمع هذا البيت لم يترنم كما ترنم للأبيات التي قبله، وقال: أبو الطيب هو أبو عذرة هذا المعنى ولكن أحسنت الاتباع، بقولك: أضر بها سهد، وبقولك في الشطر الثاني: طيب كرى، فإن فيهما زيادتين حسنتين، فالتزمت له بيمين أنني ما ملكت ديوان المتنبي يومًا من الأيام، ولا طالعته عند غيره، وما كنت في ذلك الوقت أطالع غير ديوان الشيخ جمال الدين بن نباتة، وديوان الشيخ صفي الدين الحلي، فتعجب مولانا قاضي القضاة من ذلك وبالغ في الجبر والثناء، ولكني أسقطت البيت من القصيدة، خوفًا من قدح حاسد، فلما وصلت بديعيتي إلى نوع المواردة ألجأت الضرورة إلى نظمه في سلك أنواعها.

وبيت المتنبي الذي حصلت المواردة به قوله:

كأنّ الهام في الهيجا عيون ... وقد طبعت سيوفك من رقاد1

وبيت بديعيتي:

كأنما الهام أحداق مسهدة ... ونومها واردته في سيوفهم

والترشيح أيضًا هنا ظاهر في قولي: مسهدة، والترشيح، في تورية المواردة، بتسمية النوع وزيادة المعنى، غير خاف على أهل الأدب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015