وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته على سلامة الاخترع قوله:
كادت حوافرها تدمي جحافلها ... حتى تشابهت الأحجال بالرثم1
جحفلة الفرس شفته العليا، والرثم بياض شفتيه، وكأنه يقول: إن هذه الفرس لسرعة جريانها اتصلت أحجالها إلى شفتها فتشابها في البياض.
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي، -رحمه الله- في بديعيته قوله:
سلامة لاختراعي في علا هممي ... اسمي وفعلي كحرف عند رسمهم
وقال في الشرح: اسمي علا، وفعلي علا، والحرف المشبه بهما على هذا المعنى على الذي هو معدود من حروف الجر، قلت: لو ألحق الشيخ عز الدين ما قاله هنا بالألغاز لكان أقرب وأليق، فإن سلامة الاختراع وغرابة المعنى عنه بمعزل.
وبيت بديعيتي تقدمه قولي في الألغاز بالرمح بقولي:
وكلما ألغزوه حله لسن ... مذ طال تعقيده أزرى بفهمهم
ولم أخرج عن الرمح بل قلت مخترعًا فيه اختراعًا بعد من المرقص والمطرب، بعد بيت الألغاز، وهو:
وقده باختراع سالم ألف ... يبدو بترويسه من رأس كل كمي2
تقدم قولي: أنه كان عنّ لي أن أورد هنا، من سلامة الاختراع للمتقدمين والمتأخرين، جمل مستكثرة ولم يصدني عن ذلك إلا الخيفة ممن تبحر علي في المطالعة، فيورد ما أثبت من المعنى المخترع لزيد، أنه مسبوق إليه من عمرو، فأردت أن أخلص من هذا الاعتراض، وأورد هنا نبذة من مخترعات ابن حجاج، فإنه منوال ما نسج عليه غيره، وقد تقدم قول الشيخ جمال الدين بن نباتة في ديباجة كتابه المسمى: "بتلطيف المزاج من شعر ابن الحجاج"، وأما أشعار أبي عبد الله الحسيني بن حجاج، فإنه أمة غريبة تبعث وحدها، وذرية تبلغ بإتقان اللهو رشدها، فمن ذلك قوله:
يا ديمة الصفع صبي ... على قفا المتنبي