ذكر التوهيم:

والبعض ماتوا من التوهيم واطرحوا ... والسمر قد قبلتهم عند موتهم1

قلت: هذا النوع، أعني التوهيم، وتقدمه باب الترشيح، كان الأليق بهما أن ينتظما في سلك باب التورية ويذكر التوهيم مع إيهامها والترشيح مع المرشحة، وقد تقرر كل من النوعين وتقدم في بابه، والذي مشى عليه الشيخ صفي الدين هنا هو إيهام التورية وهو قوله:

حتى إذا صدروا والخيل صائمة ... من بعد ما صلت الأسياف في القمم

فذكر صيام الخيل، هنا، يوهم السامع أن السيوف صلت من الصلاة، ومراده الصليل وهو صوت الحديد، وأعظم الشواهد على هذا النوع قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} 2 بعد قوله: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} 3 فإن ذكر الشمس والقمر، هنا، يوهم السامع أن المراد بالنجم أحد النجوم، والمراد به النبت الذي لا ساق له.

قال ابن أبي الأصبع: وقد يأتي التوهيم للمطابقة، كقول أبي تمام، رحمه الله تعالى:

تردّى ثياب الموت حمرًا فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر

فإنه أوهم بالمطابقة بين الأحمر والأخضر، وليس يطابق، إذ الأحمر لا يطابق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015