ذكر التنكيت:

وأله البحر آل إن يقس بندى ... كفوفهم فافهموا تنكيت مدحهم1

هذا النوع، أعني التنكيت، يستحق لغرابته أن ينتظم في أسلاك البديع، ويغار عليه أن يعد مع المماثلة والموازنة ومع التطريز والترصيع، وقد تقدم الكلام على سفالة هذه الأنواع.

والتنكيث: عبارة عن أن يقصد المتكلم شيئًا بالذكر دون أشياء كلها تسد مسده، لولا نكتة في ذلك الشيء المقصود، ترجح اختصاصه بالذكر. وعلماء هذا الفن أجمعوا على أنه لولا تلك النكتة التي انفرد بها، لكان القصد إليه دون غيره خطأ ظاهرًا عند أهل النقد، وجاء من ذلك في الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} 2 فإنه سبحانه خص الشعرى بالذكر، دون غيره من النجوم، وهو رب كل شيء؛ لأن من العرب من عبد الشعرى، وكان يعرف بابن أبي كبشة، ودعا خلقًا إلى عبادتها، فأنزل الله تعالى:

{وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} التي ادعيت فيها الربوبية دون سائر النجوم، وفي النجوم ما هو أعظم منها. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} 3 فإنه سبحانه وتعالى خص تفقهون دون تعلمون، لما في الفقه من الزيادة على العلم، والمراد الذي يقتضيه معنى هذا الكلام: الفقه في معرفة كنه التسبيح من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015