كذا الخليل بتسهيم الدعاء به ... أصابهم ونجا من حر نارهم
هذا النوع مأخوذ من الثوب المسهم، وهو الذي يدل أحد سهامه على الآخر الذي قبله، لكون لونه يقتضي أن يليه لون مخصوص به، لمجاورة اللون الذي قبله. ومن المؤلفين من جعل التسهيم والترشيح شيئًا واحدًا، والفرق بينهما: أن الترشيح لا يدل على غير القافية، والتسهيم تارة يدل على عجز البيت، وتارة يدل على ما دون العجز، وتعريفه أن يتقدم من الكلام ما يدل على ما يتأخر، تارة بالمعنى وتارة باللفظ، كأبيات أخت عمرو ذي الكلب، فإن الحذاق بمعاني الشعر وتأليفه يعلمون معنى قولها:
فأقسم يا عمرو لو نبهاك. يقتضي أن يكون تمامه: إذا نبها منك داء عضالًا، دون غيره من القوافي؛ لأنه لو قال، مكان داء عضالًا: ليثًا غضوبًا، أو أفعى قتولًا، أو ما ناسب ذلك، لكان الداء العضال أبلغ، إذ كل منهما ممكن مغالبته والتوقي منه، والداء العضال لا دواء له، هذا مما يعرف بالمعنى، وأما ما يدل على الثاني دلالة لفظية فهو قولها بعده:
إذا نبها ليث عرّيسة ... مقيتًا مفيدًا نفوسًا ومالًا1
وكذلك قولها:
وخرق تجاوزت مجهولة ... بوجناء حرف تشكي الكلالا2
فكنت النهار به شمسه