ذكر المماثلة:

فالخير ماثله والعفو جاوره ... والعدل جانسه في الحكم والحكم

هذا النوع، أعني المماثلة: هو أن تتماثل ألفاظ الكلام، أو بعضها، في الزنة دون التقفية، كقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ، النَّجْمُ الثَّاقِبُ، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} 1 وقد تأتي ألفاظ المماثلة مقفاة من غير قصد؛ لأن التقفية في هذا الباب غير لازمة، كقول امرئ القيس:

كأن المدام وصوب الغمام ... وريح الخزامى ونشر العطر

وأما الشاهد الذي هو على أصل هذا الباب في الزنة دون التقفية، فهو كقول الشاعر:

صفوح صبور كريم رزين ... إذا ما العقول بدا طيشها2

والفرق بين المماثلة والمناسبة توالي الكلمات المتزنة وتفرقها في المناسبة، قلت: هذا النوع، أعني المماثلة، ما تستحق عقود أنواع البديع، بسموها، أن ينتظم النوع السافل في أسلاكها، وما أعلم وجه الإبداع فيه ما هو، ولا نرى من استخراجه وعده بديعًا غير الكثرة، وقد حسن أن أنشد ههنا:

وكثر فارتابت ولو شاء قلّلا

وبالله ما اختلج في فكري من حين تأدبت أن أرصعه في قصيدة من قصائدي، ولكن حكم المعارضة أوجب ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015