سألت الناس عنك فخبروني ... هناة ذاك تكرهه الكرام1
وليس بما أحلّ الله بأس ... إذا هو لم يخالطه الحرام
فإن هذا الشاعر كنى بالنخلة عن المرأة، وبالهناة عن الرفث، فإن العرب كانت تكني بها عن مثل ذلك. وأما الكناية بالنخلة عن المرأة من ألطف الكنايات.
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته عن الكناية قوله:
كل طويل نجاد السيف يطربه ... وقع الصوارم كالأوتار والنغم2
والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي:
داع كثير رماد القدر إن وصفت ... كناية بطنها والظهر بالدسم
قول الشيخ عز الدين: كثير رماد القدر، معلوم أنه أراد بذلك الكرم، وأما تتمة البيت، فالدسم الظاهر من القدر في ظاهرها تعافه النفس، ولفظة الدسم سافلة بعيدة عن حشمة الألفاظ.
وبيت بديعيتي:
ؤقالوا طويل نجاد السيف قلت وكم ... لناره ألسن تكني عن الكرم
تقدم القول إن الناس كنوا بطول النجاد عن طول القامة، وبكثرة الرماد عن كثرة القرى، ولكن الكناية بألسن النار عن كثرة الكرم والقرى لا تخفى استعارتها التي كادت تقوم مقام الحقيقة من المحاسن الظاهرة، والله أعلم بالصواب.