ذكر الجمع مع التفريق:

ناه كالبرق إن أبدوا ظلام وغى

والعزم كالبرق في تفريق جمعهم

هذا النوع، أعنى الجمع مع التفريق: هو أن يجمع الشاعر بين شيئين في حكم واحد، ثم يفرق بينهما في ذلك الحكم، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} 1 فكأنه يقول: الشمس والقمر كوكبان، فهذا نهاري، وهذا ليلي، فجمع بينهما إذ هما كوكبان، ثم فرق بأن هذا يضيء نهارًا وهذا يضيء ليلًا، فوقع الفرق في الشيء الذي وقع به الجمع.

واستشهدوا على هذا النوع بقول الفخر عيسى:

تشابه دمعانا غداة فراقنا ... مشابهة في قصة دون قصة

فوجنتها تكسو المدامع حمرة ... ودمعي يكسو حمرة اللون وجنتي

هذا الناظم جمع بين الدمعين في الشبه، ثم فرق بينهما بأن دمعها أبيض، فإذا جرى على خدها صار أحمر بسبب احمرار خدها , وأن دمعه أحمر؛ لأنه يبكي دمًا وجسده من النحول أصفر، فإذا جرى عليه الدمع حمره.

ومنه قول البحتري:

ولما التقينا والنقا موعد لنا ... تعجب رائي الدر منا ولاقطه2

فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها ... ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015