الشيخ جمال الدين -رحمه الله تعالى- أراد بالسحر الحلال الذي ما وجده في ديوان صفي الدين التورية لا غير، وما ذاك إلا أن الشيخ صفي الدين كان أجنبيًّا منها، ولهذا لم أنظمه في سلك القوم الذين مشوا في نظم التورية تحت العلم الفاضلي والعلم النباتي، وغايته أنه رضي بالشعر الساذج المنسجم، وتعرض للتورية في بعض المواضع، ولكن سبكها في غير قالبها؛ لأنه لم يكن في طباعه ويأتي الكلام على ذلك في موضعه، إن شاء الله تعالى. ومن نظم الشيخ جلال الدين -غفر الله له- والمعنى في مراده ومفهوم قوله:
ذكر المصطفى ثلاثين دجّا ... لًا يجيئون في قيام الساعة1
فيهم أعور وقد صح بالبر ... هان أن جا كواحدٍ من جماعه
ويعجبني قوله، في آثار النبي، صلى الله عليه وسلم:
يا عين إنْ بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشط مزاره2
فلقد حظيت من الزمان بطائل ... إن لم تريه فهذه آثاره3
ومن لطائف شمس الدين بن المزين، في باب التورية، ما أنشدنيه من لفظه لنفسه:
مدير الكاس حدثنا ودعنا ... بعيشك من كئوسك والخبيث
حديثك عن قديم الراح يغني ... فلا تسقي الأنام سوى الحديث4
وأنشدني من لفظه لنفسه أيضًا:
ومليح لالاه يحكيه حسنًا ... فهو كالبدر في الدّجى يتلالا5
قلت قصدي من الأنام مليح ... هكذا هكذا وإلا فلا لا
ومن نكته اللطيفة قوله:
قلت للأحدب لما ... أن رأى الوجد علاني6
أنا أبقى وبوجدي ... فيك يا أحدب فاني