ومن نكت المجون التي توارد هو والشيخ جمال الدين عليها، وزنًا وقافية، قوله:
إذا ما قام أيرك في الدياجي ... وعندك من تحب فلا تحابي1
ومل نحو الطواشي واعتنقه ... فمثلك لا يدل على صواب2
وقول الشيخ جمال الدين:
أرى الصواب يا أيري صفات ... تحث على التعشق والتصابي
فبادره فأنت به خبير ... ومثلك لا يدل على صواب
ويحسن أن نختم هذه المجونات بقول الشيخ صلاح الدين، وهو:
يا ساحبًا ذيل الصبا في الهوى ... أبليته في الغي وهو القشيب3
فاغسل بدمع العين ثوب التقى ... ونقه من قبل وقع المشيب
الشيخ صلاح الدين سامحه الله كان من المكثرين، وكان هو والشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة يرضيان، لرغبتهما في الكثرة بالأشياء الرخيصة، ولم أورد للشيخ صلاح الدين هنا غير الغالي من نظمه واختياره واختياري، ومن محاسن الشيخ زين الدين بن الوردي في باب التورية، ومقاطيعه التي هي أحسن من مقطعات النيل، وأحلى في الأسماع من نغمات المواصيل:
إن قلت قدّك غصن ... قالت لي الغصن ساجد
أو قلت ريقك ثلج ... قالت تشبه بارد
ومن ذلك قوله:
يا سائلي تصبرًا ... عن لثم فيه لا تسل
ما تستحي تبدلني ... بالصبر عن ذاك العسل
ومن ذلك قوله:
ومليح إذا النحاة رأوه ... فضلوه على بديع الزمان
برضاب عن المبرّد يروي ... ونهود تروى عن الرماني