فلما وقف الشيخ جمال الدين على هذين البيتين، قال: لا إله إلا الله سرق الشيخ صلاح الدين، كما يقال، من الحبتين حبه.
قال الشيخ جمال الدين قلت:
يا عاذلي شمس النهار جميلة ... وجمال فاتنتي ألذ وأزين1
فانظر إلى حسنيهما متأملًا ... وادفع ملامك بالتي هي أحسن
فأخذه الشيخ صلاح الدين، مع البحر، بل أخذ الكل مع القافية، وقال:
بأبي فتاة من كمال صفاتها ... وجمال بهجتها تحار الأعين
كم قد دفعت عواذلي من وجهها ... لما تبدى بالتي هي أحسن2
وهذان البيتان تقدم القول أنهما بنصهما للقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، ولكن رأيت العز الموصلي نسبهما، في تذكرته، للصلاح الصفدي من جملة "خبز الشعير" والله أعلم.
قال الشيخ جمال الدين: قلت:
فديتك أيها الرامي بقوس ... وطرف يا ضنى جسدي عليه
لقوسك نحو حاجبك انجذاب ... وشبه الشيء منجذب إليه
فأخذه الشيخ صلاح الدين، وقال:
تشرط من أحب فذبت وجدًا ... فقال وقد رأى جزعي عليه3
عقيق دمي جرى فأصاب خدي ... وشبه الشيء منجذب إليه4
قلت: أظن أن الشيخ صلاح الدين لَمّا سمع قول الشيخ جمال الدين، ونظم هذين البيتين، ما كان في حيز الاعتدال، وأين انجذاب القوس إلى الحاجب من انجذاب الدم إلى الخد، وليته ما تلفظ بالانجذاب، بل قال: عقيق دمي جرى فأصاب خدي.
قال الشيخ جمال الدين: قلت أنا:
يا مشكتي الهم دعه وانتظر فرجًا ... ودارِ وقتك من حين إلى حين
ولا تعاند إذا أصبحت في كدر ... فإنما أنت من ماء ومن طين