أحد ركنيه أن أصلهما واحد وليس كذلك، كقوله تعالى: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} 1 وكقوله تعالى: {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} 2 ومنه ما كتب به إلى المأمون في حق عامل له وهو: فلان ما ترك فضة إلا فضها، ولا ذهبًا إلا أذهبه، ولا مالا إلا مال عليه، ولا فرسًا إلا افترسه، ولا دارا إلا أدارها ملكا، ولا غلة إلا غلها، ولا ضيعة إلا ضيعها، ولا عقارًا إلا عقره، ولا حالا إلا أحاله، ولا جليلًا إلا أجلاه، ولا دقيقًا إلا دقه، فهذه الأركان، هنا شواهد على الجنس المطلق، ليس فيها ركنان يرجعان إلى أصل واحد كالمشتق، بل جميع ما ذكرنا أسماء أجناس، وهي محمولة على دم الاشتقاق، ومثل ذلك من النظم قول الشاعر:

عرب تراهم أعجمين من القرى ... متنزلين على الضيوف النزل3

فأقمت بين الأزد غير مزود ... ورحلت عن خولان غير مخول4

ومثله قول الآخر:

بجانب الكرخ من بغداد عنَّ لنا ... ظبيٌ ينفره عن وصلنا نفر5

ضفيرتاه على قتلي تظافرتا ... يا من رأى شاعرًا أودى به الشعر6

وما أحلى قول القائل: سلم على الربع من سلمى بذي سلم

فالثلاثة عنان7 جنسها، مطلق في المطلق، وقال الآخر وأجاد:

إذا أعطشتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعا وريا

فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا

وما أحلى قول أبي فراس في هذا النوع:

فما السلاف ازدهتني بل سوالفه ... ولا الشمول دهتني بل شمائله8

طور بواسطة نورين ميديا © 2015