ويعجبني قوله من قصيدة ورَّى في بيتها الأول باسمه فقال:
قد أنحلتني الغوادي غير راحمة ... ومحقتني الليالي بعد إبدار1
فكم أواري غرامًا من جوى وأسى ... زناده تحت أثناء الحشا واري
جيراننا كنتم بالرقمتين فمذ ... بعدتم صار بعدكم جاري
ومن هنا أخذ الشيخ جمال الدين بن نباتة وقال:
بروحي جيرة أبقوا دموعي ... وقد رحلوا بقلبي واصطباري
كأنا للمجاورة اقتسمنا ... فقلبي جارهم والدمع جاري
وما أحلى قول بدر الدين من القصيدة المذكورة، في الخمرة، ولم يخرج عما نحن فيه من التورية، فقال:
سارت لتقتص من قوم فما ربحت ... في حث كأس على الأوتار دوّار2
فالقوم من بعد قتلاها وما ظلمت ... وإنما أخذت منهم بأوتار
ومن هنا أخذ القاضي أمين الدين الحمصي وكان كاتب السر الشريف بالشام المحروس، فقال:
وقوس حاجبه يصمي3 كأن له ... مطالبات على قلبي بأوتار
ويطربني قوله من قصيدة:
فلما تفرقنا كأني ومالكًا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
فأتبعته قلبًا مطيعًا على الغضى ... وخليت لي جفنًا على السفح أطوعا4
ومن لطائفه الغريبة:
رفقًا بصب مغرم ... أبليته صدًّا وهجرًا
وافاك سائل دمعه ... فرددته في الحال نهرًا5
هذا النهر ورد منه المتأخرون قاطبة، ولولا طول الشرح لذكرت ذلك، ومن لطائفه قوله: