ويعجبني منه قوله:
أنت من وجه ولحظ ... لك دينار وكسر1
هذا الدينار والكسر، اغتصبه الشيخ جمال الدين بن نباتة ولم يسبكه في غير قالبه، فقال:
أفدي حبيبًا لي إلى ... مرآه طول الدهر فقر
في خده وجفونه ... للحسن دينار وكسر
وهذه زاوية اخترتها من ديوان الشيخ الإمام العلامة شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري الحموي، سقى الله ثراه، أما بعد حمدًا لله الذي أطلعنا من زوايا الأدب على خبايا، وأرشدنا بمشايخ شيوخه إلى سلوك ما فيه من المزايا، والصلاة والسلام على نبيه الذي اختاره فكان نعم المختار، وعلى آله وصحبه المنتظمين في سلك هذا الاختيار. فقد انتهى ما أوردته منوعًا في التورية من الحلاوات القاهرية، وقد تعين أن أُفَكِّهَ المتأمل بعد ذلك بالفواكه الشامية، وأقتطف له من فروع شيخ الشيوخ ما يظهر به مزية الثمرات الحموية، وقدرة السلطنة في الأدب وناهيك بالسلطنة الشيخية. فاخترت من أبيات قصائده ومواصيل مقاطيعه ما يحلو بها التشبيب، وسميته زاوية شيخ الشيوخ علمًا بأنها زاوية يتأهل بها الغريب، والله تعالى يجعلنا ممن تخير العمل الصالح فأحسن، وسمع القول فاتَّبع منه الأحسن. فمن ذلك قوله من قصيدة:
ويلاه من نومي المشرد ... وآه من شملي المبدد
يا كامل الحسن ليس يطفي ... ناري سوى ريقك المبرد
منها ووصل إلى المخلص، وهو في غاية الحسن قوله:
غصن نقا حل عقد صبري ... بلين خصر يكاد يعقد2
فمن رأى ذلك الوشا ... ح الصائم صلى على محمد
ومنه قوله من قصيدة:
لنا من ربة الخالين جاره ... تواصل تارة وتصد تاره
تعاملني بما يحلي سلوي ... ولكن ليس في حلو مراره