مضارعه يسخو، ويسخو من ذوات الواو فلا يجوز أن يكون سخينًا فعلًا على هذا التقدير، فالإجماع عند أهل اللغة أنه يقال: سخا يسخا وسخا يسخو، وهذا مذهب الجوهري في الصحاح، وعلى هذا التقدير، فاشتراك التورية في سخينا صحيح ممكن من الوجهين. انتهى.

وكشف أيضًا عن قناع التورية في شعره النابغة الذبياني بقوله:

خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما1

أراد بالصيام ههنا القيام، وورى بقوله: تعلك اللجما، عن الصيام.

وأورد السكاكي، في المفتاح، للعرب من هذا الباب.

حملناهم طرًا على الدهم بعدما ... خلعنا عليهم بالطعان ملابسًا

أراد بالحمل على الدهم، تقييدهم، وأوهم بالركوب على دهم الخيل.

قلت: وقبل المتنبي أيضًا بزمن طويل قال أبو نواس:

فتنت قلبي محببة ... وجهها بالحسن منتقب3

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي، في كتابه المسمى: "بفض الختام عن التورية والاستخدام" امتحنت، ببيت أبي نواس جماعة ممن حاضرتهم وذاكرتهم وعاطيتهم كئوس الأدب وعاشرتهم، فبعضهم استخرج منه النكتة، وبعضهم لم أجد له إليها لفتة.

وقال البحتري:

ووراء تسدية الوشاح ملية ... بالحسن تملح في القلوب وتعذب4

الشاهد في قوله: تملح، فإنه يحتمل أن يكون من الملوحة التي هي ضد العذوبة، وهو المعنى القريب المورى به، ويحتمل أن يكون من الملاحة وهو المعنى البعيد المورى عنه، وقد تقدم من لوازمه على جهة التبيين قوله: ملية بالحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015