ذكر ما لا يستحيل بالانعكاس:

بحر وذو أدب بدا وذو رحب ... لم يستحل بانعكاس ثابت القدم

هذا النوع سماه قوم المقلوب والمستوي، وسماه السكاكي مقلوب الكل، وعرفه الحريري في مقاماته بما لا يستحيل بالانعكاس، وهو أن يكون عكس البيت، أو عكس شطره، كطرده.

وهذا النوع، أعني ما لا يستحيل بالانعكاس، غايته أن يكون رقيق الألفاظ سهل التركيب منسجمًا، في حالتي النثر والنظم. وجاء منه في الكتاب العزيز: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ} 1 و {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} 2 ومن الكلام الذي رق لفظه: "أرض خضرا". وأورد الحريري في مقاماته: "ساكب كاس" وزاد في العدة: "كبر رجاء أجر ربك". وزاد في العدة أيضًا فقال: "لذ بكل مؤمل إذا لم وملك بذل". قلت هذا الكلام الذي زاد الحريري في عدة كلماته صحيح التركيب، في طرده وعكسه، ولكن لم يخف على الحذاق وأصحاب السجايا الرقيقة أن التكلف طوق جيده بطوق العقادة.

وذكروا أن العلامة القاضي فتح الدين بن الشهيد، صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالشام المحروس، تغمده الله برحمته ورضوانه، وصل في تركيب هذا النوع إلى أكثر من هذه العدة، ولكن ما وقفت له على شيء من ذلك، وإنما مولانا، المقر الأشرف القاضوي الناصري محمد بن البارزي الجهني الشافعي، صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك المحروسة الإسلامية. عظم الله تعالى شأنه، أخبر المملوك أنه وقف على ما نثره القاضي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015